بقلم هاني الترك OAM
يوم الأحد الماضي رحلت عن دنيانا ماري سيمور عمة زوجتي الزابيث واللتين يجمعهما حب خالد لا يموت.. وحب سرمدي مع زوجها المكلوم بيل أقوى من رابطة الدم.. وفي الموقف الرهيب حينما هبط النعش في التراب تساءلت في نفسي إلى أين ذاهبة أيتها الراحلة؟
قلت في نفسي لنستمع إلى صوت العقل:
الطبيب الجراح رايموند مودي نشر كتابه الأول عن ظاهرة خلود الروح الذي يحمل عنوان «Life after Life» وكتابه الثاني Reflection on life after life» .. ويسرد فيهما تجارب الذين فارقت أرواحهم أجسادهم وواجهوا الموت الوشيك.. وهو العالم الذي استغل خبراته العلمية ومهارته الطبية في دراسة وصف ظاهرة حافة الموت.. ولندعه يقول:
عندما يصل الشخص إلى النزاع الأخير في حالة خطر الموت البدني يستمع إلى إعلان موته من فم طبيبه ثم يبدأ بسماع ضجة مزعجة.. ويشعر بنفسه تتحرك بسرعة خلال نفق طويل مظلم وفي نهايته نور ساطع.. ويجد نفسه بعد ذلك خارج جسده الطبيعي.. ويراه قريبا منه بينما هو في موقف المتفرج.. ويرى محاولة إعادته للحياة من هذا الواقع غير المادي بينما هو بحالة انقلاب انفعالي شديد.. بعد لحطة يستجمع ذاته ويصبح أكثر تعودا على هذه الحالة الغريبة.. ويلاحظ انه لا يزال له جسد ولكن من طبيعة مختلفة.. وله قوى مختلفة عن الجسد المادي الذي تركه خلفه.. سرعان ما يأتي آخرون للقائه ومساعدته.. ويجد نفسه يحملق في أرواح الأقارب والأصدقاء الذين ماتوا قبله.. ويظهر له بوضوح روح متوهجة الحرارة من نوع لم يسبق له الالتقاء به .. إنه كائن نوراني يشعر أنه نور السيد المسيح.. ويسأله هذا الكائن سؤالا غير منطوق يجعله يضع تقييما لحياته ويساعده بأن يسمع تسجيلا لحظيا شاملاً للأحداث الرئيسية في حياته.. وعند نقطة معينة يجد نفسه يقترب من حاجز أو فاصل يمثل بوضوح الحد بين الحياة الدنيا والحياة الأخرى.. ويجد نفسه مضطرا للعودة إلىالأرض لأن موعد موته لم يحن بعد.. وعند هذه النقطة يبدأ في المقاومة لأنه حتى هذه اللحظة كان مبهورا بتجربته في الحياة بعد الموت ولا يرغب في العودة.. إنه مغمور بمشاعر عميقة من الفرح والحب والسلام.. سرعان ما يتحد بجسده المادي ويعود للحياة.. ويحاول فيما بعد أن يحكي للآخرين ولكنه يمتنع عن ذلك فلا يجد مبدئيا الكلمات المتداولة بين البشر قادرة على وصف هذه الرواية غير الأرضية.. إلا أن هذه الظاهرة تؤثر على حياته تأثيرا عميقا وبخاصة وجهة نظره عن الموت وعلاقته بالحياة ويحس بالدفء والإخلاص.
ويقول هذا الذي يموت موتا إكلينيكياً مؤقتاً أنه يشعر بنوع عميق من الحب والمعرفة الأساسية للوجود مثل أسباب الأشياء ومبادئ الكون الأساسية عن الأشياء التي تضبط الكون كله معاً.. ولا يشعر بالألم أو المرض على الإطلاق.
إن تجارب حافة الموت تتضمن جوانب غير مفهومة تماما عن وجهة النظر التي نعرفها.. فإن الزمن هو أحد المعالم الواضحة للعالم المادي ويستمر في خط مستقيم.. ولكن الذي يعود من تجارب حافة الموت يقول أن الزمن متحرك بأسلوب سري .. وهذه التجارب تشير إلى وجود أبعاد أخرى للوجود.. فإذا كان الوجود الأرضي له ثلاثة أبعاد فإن البعد الرابع للوجود الأرضي هو البعد الروحاني الذي يسيطر على الأبعاد الثلاثة في عالمنا المادي وهو الطول والعرض والعمق.
ويقول المؤلف بودا شو في كتابه «البعد الرابع» أن كل ما في الأرض ينتمي للعالم المادي من خلال الأبعاد الثلاثة.. أما الروح القدس الذي يحتوي الأرض فهو ينتمي إلى البعد الروحاني الذي يخلق من الأبعاد الثلاثة الأخرى النظام والجمال ويمكن أن ينميه الشخص من خلال الصلاة والتأمل والممارسة الإيمانية ويستطيع السيطرة على العالم المادي.
والبعد الرابع في العلوم الفيزيائية هو نسبية الزمان والمكان الذي اكتشفه العالم الخارق الذكاء أينشتاين.. وسرّ هذا البعد لا يُدرك في عالمنا الأرضي ولكن يمكن إدراكه والتوصل إليه عن طريق النظريات الأرضية الفيزيائية وتقول روح من عالم الروح اسمها سيث في كتاب اسمه سيث يتكلم انه يوجد هناك عوالم متواصلة مع عالمنا الأرضي لا يمكن النفاذ إليها ودخولها إلا بعد الموت والحياة الأخرى وتسميه الروح الولادة وليس الموت كما نسميه نحن.. وتؤكد الروح في الكتاب أن الزمن غير معروف في العالم الآخر وهو مطلق.
وتخضع ظاهرة خروج الروح من الجسد وخلودها إلى الدراسة العلمية في 25 مستشفى جامعياً في الولايات المتحدة وبريطانيا.. فإن الموت عملية بيولوجية يجب دراستها والتحقيق العلمي فيها.. فإلى الآن تؤكد حقيقة الحياة بعد الموت بالبراهين العلمية وأن العلم يقف إلى جانب الدين ليسانده في توجيه العالم نحو الحياة الأفضل.
وهناك علماء عديدون يبحثون في الظاهرة وتوصلوا إلى إثباتات تطابق ما جاء في الدين.. فهكذا يلتقي العلم مع الدين في علم الروح بوجود أبعاء أخرى في الحياة الأخرى لا يمكننا إدراكها.. لأن الحياة سرّ مغلق عن البشر لا ندرك طبيعتها في العالم الأرضي إلا في الحياة بعد الحياة.
والآن وبعد مرور حوالي 40 عاما على كتب مودي في دراسة الظاهرة ومواصلة بحثه مع بعض العلماء الآخرين قرأت له الأسبوع الماضي مقدمة كتاب للبرفسور برايان ويس صدر عام 2009 الذي يحمل عنوان Through Time Into Healing وهو يقول:
إن الروح حقيقة والعلم يتقدم لتصبح دراسة علم الروح فرع من العلوم.. فقد تمكنت مع بعض العلماء من تطوير «تكنيك» يمكن به الشخص العادي الذي يتمتع بالوعي الكامل المرور بتجربة رؤية شخص ميت بأبعاد متحركة ثلاثة وبالألوان وبالحجم الطبيعي.. مع التأكيد بأن الظهور هو حقيقة .. فقد تمكن مودي من خلال ذات التجربة وتحدث مع جدته التي توفيت منذ سنوات عديدة مؤكدا أنها لا تزال تحيا في العالم الآخر عن طريق تغيير الوعي العادي إلى الوعي الفائق.. تصبح بذلك ثلاثة مستويات من الوعي: الوعي العادي.. ثم اللاوعي الذي اكتشفه سيجموند فرويد.. ثم الوعي الفائق الذي يخضع للتجرية العلمية حالياً Super Consciousness . ويقول مودي إن الوصول إلى الوعي الفائق يتمحور في المحبة التي هي المركز الأساسي في تعليم المسيحية.. والمحبة السرمدية التي ضمتنا مع ماري.. لقد أسلمت الروح وذهبت إلي نبع المحبة يسوع الميسح.