على رغم ان الوزيرين الكتائبيين سجعان قزي وآلان حكيم حضرا الى مكتبيهما امس الاول وشرعا في تصريف الاعمال غداة اعلان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل قرار الحزب استقالتهما، فان الحكومة «المتناقصة « ستدخل مرحلة تزايد الشكوك والجدل حول قدرتها على مواجهة الملفات الشائكة في ظل تشكيك اضافي في اهتزاز طابعها التمثيلي السياسي. ولن يكون ارتفاع عدد الوزراء المستقيلين من الحكومة الى ثلاثة هم قزي وحكيم واللواء أشرف ريفي وحده القضية التي ظللت الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء قبل ظهر امس، ذلك ان ثمة رزمة استحقاقات وملفات بعضها مدرج على جدول أعمال الجلسة وبعضها الآخر غير مدرج ويكتسب طابعاً طارئاً ينتظر ان تثير الكثير من الجدل بين الوزراء بما شكل اختبارا متجدداً لواقع حكومي يعاني الانهاك. وتأتي في مقدم هذه الملفات الأزمة بين القطاع المصرفي و»حزب الله» التي قالت مصادر وزارية إنه من غير الممكن ان يقفز مجلس الوزراء فوقها في ظل الاستهداف الذي طاول «بنك لبنان والمهجر» وما أثاره من تداعيات لم يعد جائزاً ان تتولى الحكومة كلا معالجتها والتصدي للازمة بمسؤولية سياسية جماعية، خصوصاً أن احتواء الازمة بات يتطلب مقاربات مختلفة عن المرحلة السابقة للتفجير الذي انزلق بالازمة الى متاهات خطيرة توجب وضع يد الحكومة على المعالجات بفاعلية.
كما ان ملف جهاز أمن الدولة عاد ليفرض نفسه بقوة في ظل اقتراب بت وضع نائب المدير العام للجهاز العميد محمد الطفيلي الذي يحال قانوناً على التقاعد في 26 حزيران الجاري، فيما برزت محاولات لتمديد خدمته وسط رفض القوى المسيحية الاساسية هذه الخطوة ربطاً بالازمة القائمة بين الطفيلي والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة والتي كان من شأنها تجميع المخصصات المالية السرية للجهاز وأدت الى تفاقم التباينات حيال الجهاز داخل مجلس الوزراء. وتردد ان رئيس الوزراء تمام سلام وقع قرار التمديد للعميد الطفيلي، ولكن فهم ان الرئيس سلام نفى ذلك اثر اتصال ورده من الرئيس ميشال سليمان الذي أكد خلال الاتصال ان تأجيل تسريح الطفيلي أو التمديد له لن يكونا شرعيين. وصرّح وزير السياحة ميشال فرعون في هذا السياق بأن التمديد هو تمديد للازمة ويهدد مجلس الوزراء لانه يشكل تجاوزا لجميع الوزراء المسيحيين. ويذكر ان اللواء قرعة ارسل الى الامانة العامة لمجلس الوزراء كتاب تسريح نائبه للموافقة عليه قبل حلول 26 حزيران موعد تقاعده.
أما الملف الساخن الآخر الذي واجهه مجلس الوزراء، فيتمثل في مسألة هيئة «اوجيرو» المدردة في جدول الاعمال في ظل ملف الانترنت غير الشرعي الذي برزت عنه معطيات اضافية من خلال الجلسة التي عقدتها لجنة الاعلام والاتصالات النيابية والتي تركزت على المسار القضائي الجاري في القضية. وفيما لا تستبعد المصادر الوزارية تصاعد التباينات داخل مجلس الوزراء حيال بعض النقاط الخلافية في هذه القضية التي لم يبتها القضاء بعد والتي توجب مزيدا من التريث لجلائها تميزت جلسة لجنة الاعلام والاتصالات أمس باستماعها للمرة الاولى الى المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص في ظل تساؤلات بعض النواب في الجلسة السابقة عن عدم اعطاء الاذن بالتحقيق مع بعض العناصر الأمنية. كما حضر للمرة الاولى قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبدالله في مؤشر لتقدم البحث واستمرار المتابعة بين اللجنة النيابية والقضاء. أما التطور الأبرز فتمثل في ما افضت اليه الجلسة من قرار برفع السرية عن شهادتين للنائبين آلان عون ومعين المرعبي واحالة مضمون الافادتين على النيابة العامة بمثابة اخبارين. وعلم ان النائب عون تحدث عن دور الادارات والوزارات المعنية في ملف الانترنت غير الشرعي ومسؤولياتها، كما أثار وضع بعض الشركات الخاصة وافادة مؤسسات عامة من خدماتها من غير طريق «أوجيرو» مطالباً بمساءلتها. أما النائب المرعبي فرفض كشف مضمون أفادته متمسكاً ببقائها ضمن المحاضر.
وفي خطوة أخرى موازية أصدر وزير المال علي حسن خليل بياناً اعلن فيه انه «نتيجة لطلب النيابة العامة التمييزية، أعطى الوزير أمس الاذن بالاستماع الى بعض مسؤولي الجمارك حول ملفات الانترنت، مشدداً على ضرورة استكمال التحقيقات وصولاً الى كشف كل الحقائق المتعلقة بهذا الملف. كما أحال الوزير على النائب العام المالي كتاب ادعاء شخصياً بصفته وزيراً للمال على كل من يظهره التحقيق في ملف الاتصالات غير الشرعي والعمل على ملاحقة المتورطين وتحصيل حقوق الدولة منهم».
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري مجدداً ان قضية الانترنت غير الشرعي «لن تموت ويجب ان تتابع»، داعيا القضاء الى استكمال عمله، معتبراً ان «أكبر الاخطار هو ان تخضع هذه القضية للمصالح والنكايات السياسية».
اما في موضوع استقالة وزيري حزب الكتائب من الحكومة، فنقل عن بري انه ينتظر لمعرفة حدود هذه الاستقالة وهل قدمت خطياً أم بعد وهل هي بعدم حضور جلسات مجلس الوزراء وتصريف الاعمال. ونقل نواب عن بري وصفه الاستقالة بانها «اشبه بقنبلة صوتية».
وتردد أن عدداً من الوزراء ينتمون الى كتلة النائب وليد جنبلاط والرئيس سليمان والمستقلين سيتمنون على وزيريّ الكتائب العودة عن إستقالتيّهما وسيرحب الرئيس سلام بهذه الدعوة على ان يكون أمر بت هذا الموضوع عائدا الى الحزب المعني. وفي ما يتعلق ببنود تتصل بأمن الدولة وسد جنّة و»أوجيرو»، رأت مصادر وزارية انها مرشحة للتعقيد وليس للحل وتالياً ليس وارداً أن تنتهي الجلسة الى قرارات في هذه البنود.
وعلى صعيد متصل بإستقالة الوزيريّن قزي وحكيم، علم أن الاخيرين حسما أمرهما وهما سيصرّفان الاعمال في وزارتيّ العمل والاقتصاد.
وصرّح الوزير قزي: «إننا نتلهى بالامور الادارية الصغيرة التي يمكن إيجاد حلول لها في 24 ساعة فيما نحن نتغافل عن أحداث قد تتطور لـ 24 سنة وتهدد الكيان بسبب المرحلة الجديدة من الحرب في سوريا التي قد ينجم عنها لاجئون جدد مما يتطلب منا تحمّل المسؤولية».

قانون فؤاد بطرس؟

الى ذلك، برز موقف لنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري اقترح فيه اعتماد مشروع قانون الانتخاب الذي وضعه الوزير السابق الراحل فؤاد بطرس بمعاونة لجنة من الاختصاصيين والخبراء. وصرّح مكاري في حديث الى برنامج «وجها لوجه « من «تلفزيون لبنان» ان قانون فؤاد بطرس وضعته مجموعة من الاشخاص المشهود لهم بالكفاية والاستقلالية والتي لم تكن لها أي توجهات سياسية «واعتقد انه احد الحلول لقانون الانتخاب وهو الاكثر انسجاماً مع البلاد». واذ أبرز ضرورة الاتفاق على المعايير من خلال الكتل السياسية وطاولة الحوار، قال: «اذا لم يحصل توافق سياسي فلن نصل الى قانون للانتخاب». ويشار الى مشروع فؤاد بطرس يلحظ الجمع بين النظامين الاكثري والنسبي اذ ينتخب على أساسه 77 نائباً بالنظام الاكثري و51 نائبا بالنظام النسبي.