د سعد الترزي-استراليا

إن التخلف العربي في العصر الحالي بدا ظاهرا للعيان في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفنية والتربوية……الخ
إن ما يمر وما مر به العالم العربي من ظروف في غنى عن شرحها في هذا المقال ، قد أضافت وساعدت في تشكيل الفكر العربي، حيث جعلته مشلولا غير قادر على التحليل والتمييز والحكم على الأمور بواقعية، وذلك لازدياد التعصب الديني والجهل والتسلط وتعطيل الأفكار وتجاهل مبادئ الحرية، والعمل الثوري وظهور ثقافة التسلط والتفكير الخرافي.
فإذا ذهبت إلى حديقة هايد بارك المشهورة في بريطانيا والتي تتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة وتوفر ملاعب كرة القدم والرجبي وكافة وسائل الراحة للتمتع والاسترخاء وقضاء يوم رائع، فتتفاجأ بأنك تسمع اللغة العربية بكافة لهجاتها، وتسمع أصوات الأطفال يلهون ويلعبون ويؤذون الطيور على مرمى ومسمع من أهاليهم دون أدنى حراك، وها هي بقايا الطعام متناثرة على أرض الحديقة بعد التمتع بشتى أنواع المأكولات الطيبة مع الأسرة والأهل والأصدقاء، وها هو الشباب العربي يتسكع في جنبات الحديقة باحثا عن فريسته متفاخرا بسياراته الفارعة الفخمة والتي تحمل أرقاما عربية ، وجيوبه المملوءة بالدولارات التي لا يعرف عددها، فما أن يجد فتاة ليبدأ في ملاحقتها والتحرش بها مستخدما كافة الكلمات البذيئة والمؤذية، راميا أوراقه هنا وهناك بها اسمه ورقم هاتفه متعطش للجنس، فلا عجب لو سمعت صراخ فتاة تصرخ مستنجدة بمن يحميها من هؤلاء الوحوش. لقد أدرك البريطانيون كيف يفكر العرب ودرسوا سلوكياتهم وحددوا رغباتهم فتجد إعلانات كبيرة باللغة العربية والانجليزية تروج لبائعات الهوى حيث أن معظم زبائنهم من العرب.
لقد تدفق مئات المهاجرين من العرب إلى أوروبا والغرب، والحكومات ترحب بهم وتحاول توفير وسائل الراحة لهم وتستقبلهم، ففي الغرب مناطق كثيرة تتكلم اللغة العربية ولا تحتاج لغيرها مثل بروكسل، ميلانو (فيابادوفا) ، لندن (إدجر رود)، مناطق كثيرة في سدني، وحتى هناك من المسؤولين العرب يظهرون على وسائل الاعلام ويتكلمون باللغة العربية فقط.
ولكن وسائل الاعلام بشتى أنواعها قد سبقت المهاجرين العرب ، وعرّفتهم بأنهم هم أصل العنصرية والتعصب الديني ، وهم الذين دمروا متاحفهم وآثاراتهم ومساجدهم وكنائسهم، ودمروا معنى الوطن والوطنية والقومية والعروبة ومسحوا عن الأرض كل أثر للحضارات التي خلدها التاريخ، وهم الذين يفتخرون بالعمليات الانتحارية والتي يتم فيها قتل الأبرياء، وما زالوا يعتقدون أنهم أمه قوية لها تاريخ، كل هذا الإعلام شحن المستقبلين لهم بعوامل الرفض وعدم قبولهم خوفا من انتقال ما سبق ذكره إليهم.
لذلك أرجو عدم تعميم ما تم ذكره أعلاه على جميع العرب، فهناك من العقول التي لها انجازاتها العلمية والعملية في كافة المجالات وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ولكنهم قلة مهمشة في العالم العربية.
إن ما مر به العالم العربي على مدى عصور طويلة من تاريخ ملئ بالحروب وعدم الاستقرار أثر على سلوكيات المواطنين واصبحنا أمه متخلفة نتيجة تلك الظروف. لقد أخطأ العرب بتسمية عصر ما قبل الاسلام بالعصر الجاهلي، لأن العرب حضارتهم تمتد إلى آلاف السنين وفي ذلك العصر تميز العربي بالاعتزاز بنفسه حيث تفاخر بتقديسه للشرف وحسن الضيافة والشجاعة والتسامح واحترام الاخرين والكرم ، وقد خلد الشعر والشعراء هذا التاريخ فلنقرأ وندرس التاريخ جيدا فالعرب أصحاب حضارة منذ نشأة الحضارات، فهل نحن أمة متخلفة؟؟