يعود ملف أزمة النفايات بنداً طارئاً الزامياً على جدول أعمال هيئة الحوار الوطني التي عقدت جلستها في عين التينة، وهو البند الذي صار مصير الحكومة وتفعيلها مرتبطاً به أكثر من باقي الأزمات الداخلية والخارجية التي تحكم قبضتها على البلاد. واذ تبلورت في الساعات الأخيرة ملامح المرونة والايجابيات المبدئية المتصلة بخطة المطامر، و تبين ان خطوطاً مفتوحة بين السرايا الحكومية وعين التينة و»بيت الوسط» والفريق الوزاري للحزب التقدمي الاشتراكي بتكليف من رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط الموجود في باريس حيث التقى بعد ظهر امس الاربعاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كان لها دور دافع وبارز في تذليل الكثير من العقبات أمام استكمال خطة توزيع المطامر، الأمر الذي يفترض عرض كل التفاصيل على المتحاورين اليوم والحصول مجدداً على قرار سياسي جماعي بتبني الخطة ما لم تطرأ مفاجآت سلبية في اللحظة الأخيرة.
وأبلغت مصادر وزارية انه من المنتظر أن يحسم الحوار النيابي في عين التينة، والذي يضم الاطراف الاساسيين، بالوفاق السياسي موضوع مطامر النفايات. وتحدثت عن معلومات تشير الى توافق مبدئي على إستخدام مطامر برج حمود والكوستا برافا والناعمة على ان يتم التحضير لتوافق لنقل نفايات بيروت الى مكب سرار في عكار. وتوقعت أن يوقع إتفاق نهائي بعد إكتمال الاتصالات التي شارك فيها أمس النائب جنبلاط من باريس. كما ان الملف كان قيد المتابعة بين رئيس الوزراء تمام سلام والرئيس سعد الحريري. وفي ضوء هذه المعطيات من المرجح ان يدعو الرئيس سلام بعد إجتماع الحوار في عين التينة الى إجتماع للجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات لتحضير مشروع يطرح على مجلس الوزراء غدا إذا ما سارت الامور في الاتجاه الايجابي الذي يلوّح حالياً.
ولفتت المصادر الى مؤشر يوضح تغييراً في المعطيات هو دعوة الرئيس سلام اللجنة الوزارية المكلفة ملف اللاجئين السوريين الى الاجتماع مطلع الاسبوع المقبل. وقالت في معرض التندر انه «بعد الحوافز السخية إنفتحت الثغرة في خطة المطامر».
وفي المعلومات التي سبقت الحديث عن انفراج في الخطة ان الوزيرين وائل ابو فاعور وعلي حسن خليل قاما باتصالات مفتوحة على أكثر من خط وبمواكبة من الرئيسين سلام والحريري، الا ان عراقيل ظهرت في طريق الساعين الى حل المطامر، وخصوصاً ان محافظات الشمال والبقاع والجنوب توصلت الى مخارج للتخلص من النفايات ولو بالحد الأدنى المطلوب من طرق العلاج الصحية. وتبقى المعضلة في بيروت والضاحية الجنوبية وجبل لبنان. وكان المعنيون قد تلقوا من جديد اعتراض النائب طلال ارسلان على إقامة مطمر في محلة الكوستا برافا. وسمع منه أحد الوزراء كلاماً غاضباً. ويذكر ان مساحة الأرض المقترحة في هذا المطمر تعود ملكيتها الى الدولة وليس الى بلدية الشويفات وهي تستقبل طوال الأشهر الأخيرة كميات كبيرة من النفايات وتطمر بالرمال من دون توافر ابسط الشروط الصحية.
ملف المساءلة
لكن الاقرار المرجّح لخطة المطامر لن يحجب مسار المساءلة والمحاسبة في أزمة النفايات وكارثتها، إذ سجل تطور بارز أمس تمثل في تسلم لجنة المال النيابية ملفاً ضخماً عن مجمل المراحل التي أدت الى انفجار هذه الازمة ستضعه اللجنة في تصرف النائب العام المالي. وكشف رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان ان مجلس الانماء والاعمار قدم الى اللجنة نسخة عن كل العقود التي تفوق الألف صفحة وتتضمن الالتزامات والتعهدات والشروط منذ 1996 حتى اليوم. وتحدث عن تعاقب 50 الى 50 لجنة وزارية شكلت لمعالجة ملف النفايات وان أرقام الملف هي في حدود الملياري دولار، مشيراً الى ان عمليات تمديد العقد مع «سوكلين» صادرة بقرارات من مجلس الوزراء بعد تأليف اللجان الوزارية.
أما في التحركات المدنية، فنظمت «حملة بدنا نحاسب» و»حملة الشعب يريد اصلاح النظام» ومجموعات اخرى مسيرة مشاعل مساء امس من امام ثكنة الحلو الى دارة الرئيس سلام في المصيطبة.
قانون الانتخاب
وبالعودة الى جولة الحوار علم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري طرح في البداية السير بجدول الأعمال مركزاً على نقطتين: الاولى تفعيل عمل مجلس النواب مع اقتراب موعد فتح الدورة العادية للمجلس في الثلثاء الاول بعد منتصف آذار الجاري. والثانية البحث في قانون الانتخاب الجديد باعتبار ان اللجنة النيابية المكلفة درس القانون برئاسة النائب جورج عدوان ستسلم تقريرها النهائي الى بري الثلثاء المقبل وهي توصلت أمس الى مسودة سيعمد اعضاؤها الى مراجعة قياداتهم السياسية في شأنها قبل ان يقدم عدوان التقرير النهائي للجنة الى رئيس المجلس. وكانت اللجنة الـتأمت امس واستمعت الى تلاوة مسودة التقرير الذي أعدته والذي يتناول اعتماد القانون المختلط بين النسبي والأكثري.
الحريري و «المستقبل»
الى ذلك، وصف الرئيس الحريري المرحلة التي يمر بها لبنان حالياً بأنها صعبة، وقال: «نحن نبذل جهوداً دؤوبة للمحافظة على الأمن والاستقرار وتجنيب البلد الانجرار إلى أي مشكلة أو فتنة، ومنع تمدد الحروب والحرائق التي تحدث حولنا في سوريا والعراق وغيرهما».
وشدد لدى لقائه وفداً كبيراً من الهيئات الإدارية لأربعين جمعية بيروتية على أن «بيروت التي تحتضن الجميع خسرت رفيق الحريري، لكن قلبها واسع وهي تجسد العيش المشترك بكل معانيه وعاصمة الثقافة والعلم، وإن شاء الله نحافظ عليها ونعمل على حمايتها وتطويرها في مختلف المجالات».
وفي اطار المواقف من ازمة العلاقات اللبنانية ? الخليجية حملت كتلة «المستقبل» بعنف على كلامَ الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله عن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، واعتبرت انه «يعكس حالةً من التوتُّر والصَلَف يعيشُها حزبُ الله، حزبُ السلاح غير الشرعي، والمسؤولون فيه على رغم الادّعاء المتكرر لتحقيق الانتصار تلو الانتصار». وأضافت: «إنّ كتلةَ المستقبل ترى أنّ السيد نصر الله وحزب الله بشكل عام يستمر في الإضرار بلبنان واللبنانيين وضرب مصالحهم وتخريب حاضرهم ومستقبلهم، عبر إقْحامهم في صراعاتٍ مفتوحةٍ مع محيطهم العربي وعبر القيام بأعمال إرهابية وإجرامية بتحويل حزبه إلى ميليشيا غِبَّ الطلب وبندقيةٍ للإيجار تتنقَّلُ من مكان إلى آخر في خوض الحروب الأهلية انطلاقاً من سوريا مروراً بالعراق وصولاً إلى اليمن وغيرها في المنطقة العربية وخارجها».
المشنوق يلتقي عباس
على صعيد آخر، التقى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال زيارة خاطفة للاردن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في منزله بعمان، وتناول البحث مجمل التطورات ولا سيما منها أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وأكد الرئيس عباس للوزير المشنوق «الاستعداد لبذل كل الجهود الممكنة بهدف الحفاظ على استقرار المخيمات والحرص على أحسن العلاقات مع الحكومة اللبنانية». وعلم  ان الوزير المشنوق والرئيس الفلسطيني تناولا بعمق وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان، كما تطرق اللقاء الى الوضع العربي عشية انعقاد اجتماع الجامعة العربية في القاهرة.