By Hani Elturk OAM

بقلم هاني الترك

تعارض الصديقة الباحثة دانا بدر بطارسة في مقال لها الاسبوع الماضي في عمود استراليات نظرية عودة الروح مستندة الى عدة حقائق في الكتاب المقدس مثل القيامة العامة وترجح اصوات الخاضعين للعلاج تحت ارشاد الدكتور براين ويس بانها اصوات ارواح شيطانية.. واعتقد بان المتحدث تحت التنويم المغناطيسي ليست هي ارواح شيطانية.. لذلك رأيت ان اقدم ملخصاً لاحد كتب الدكتور ويس.. مع ملاحظة انني اطّلع بموضوعية تامة وأجري البحث عن الحقيقة إذ انها حتى الآن هي لغز من الغاز الوجود وأقول: اني احد المعتقدين بالميتيفيزيقيا العلمية أي ما وراء الطبيعة القائمة على فلسفة العلم وقارئ نهم في عالم الروح.. فقد انتهيت من قراءة كتاب لعالم رائد في الطب الدكتور Brian Weiss يحمل عنوانMany Lives, Many Masters is the true story of a prominent psychiatrist, his young patient, and the past-life therapy that changed both their lives. وهو شغل عدة مناصب قيادية في علم الطب العقلي في الجامعات والمستشفيات ومؤلف لعدة كتب وبيع من كتابه الذي قرأته مليون ونصف مليون نسخة.
كان الدكتور براين يعالج امرأة جميلة، جذابة، شابة وشقراء اسمها كاثرين. كانت تعاني من الأرق والكوابيس الليلية والقلق وفشل في علاجها في الطرق الطبية التقليدية.. فلجأ الى علاجها عن طريق التنويم المغناطيسي Hypnotherapy.. واصيب بالدهشة حينما بدأت كاثرين باستراجاع الآلام التي مرّت بها في الحيوات السابقة وهي وراء الحالة النفسية التي ألمت بها.. لم تكن كاثرين مصابة بالفصام العقلي أو تعدد الشخصيات او الاكتئاب النفسي ولا اي مرض عقلي او نفسي… ولكنها لم تكن سعيدة بل تعيسة في حياتها.. اراد الدكتور براين علاجها بالتنويم المغناطيسي للطب العقلي بتذكر الضيقات والصعوبات التي قابلتها في حياتها من اجل مساعدتها للتغلب عليها. وهي المختبئة باللا شعور باحضارها الى سطح الشعور وتصحيحها.. لم يكن يخطر على باله ابداً ان ترجع كاثرين الى الحيوات السابقة وتسلط الضوء على المواقف التي تعثرت بها وعانت منها.. يقول الدكتور براين انه لم يكن يهدف الى التوّغل الى اعماق حيواتها السابقة لانه لم تكن جزءاً من ممارسته الطبية ولم يكن يعتقد بالتقمّص والتجسّد من جديد.. أصيب بالدهشة ومن ثم اراد المعرفة عن التقمّص reincarnation .. فأجرى لها جلسات تنويم مغناطيسي كثيرة من خلالها سمع صوت الملاك الحارس في العالم الآخر وذلك عن طريق كاثرين التي اخبرته عن تفاصيل حياته الحالية التي لا يعرفها أي شخص سواه.. سألها الدكتور براين عن مصدر معلوماتها فقالت انها من الملاك الحارس من الحياة الاخرى وفي احداها قابلت الدكتور براين نفسه الذي كان مدرساً لها في المدرسة.
يقول براين ان تفاصيل الحياة السابقة موجودة في اللاشعور في كل فرد.. والشخص يأتي الى العالم الارضي من اجل المعرفة والحكمة والنضوج قبل ان يعود للاستراحة في عالم الروح الابدي ويتقمّص ثانية الشخصية التي يريدها.. اي قبل ان يتقمّص في الحياة ارضية يرسم خطة ليقوم بأدائها في العالم الارضي ليتعلم اعمال الخير والمحبة والايمان بالله والصدق والامانة ومساعدة الآخرين وهي الفضائل التي يكتسبها الشخص اثناء التقمّص من اجل الترقي الى مستويات عليا في عالم الروح والى ان تتحد الروح بخالقها.. ويقول الدكتور براين انه عالم طب عقلي ولا يقبل أي شيء او اي معلومة بدون فحص علمي دقيق.. وهو قد سجّل تفاصيل الجلسات مع كاثرين على مسجل ويحتفظ بها وأصبح يؤمن بالتقمّص بعد دراسة علمية دقيقة.. فقد شفيت كاثرين من امراضها تماماً عن طريق ظهور آلام حيواتها السابقة على الارض واصبحت تتمتع بمقدرة نفسية شديدة الحساسية.
اصبح الدكتور براين عالماً بعالم الروح وتأكد له عن طريق تنويم اشخاص كثيرين ان الانسان ابدي في الحياة الروحانية.. ويجب عدم الخوف من الموت لانه انتقال الى الموطن الاصلي له حيث ان الحياة هناك كلها فرح وسعادة وانسجام ومعرفة.. فلا مرض ولا الم ولا عذاب.. فان كوكب ارض هو اكثر الكواكب ظلماً وظلاماً واذا مرّ الانسان في حياته على الارض بنجاح واكتسب المعرفة وقام بأعمال الخير والمحبة والطيبة رغم مواجهته التجارب المريرة سيعود الى موطنه الاصلي في عالم الروح.. وعالم الروح موجود في ابعاد اخرى غير الابعاد الاربعة التي نعرفها على كوكب الارض.
والسؤال هنا هل يتعارض التقمّص مع الكنيسة؟
لقد قرأت معظم اعمال العالمة الروحانية سيلفيا براون وغيرها من علماء الروح والتي ذكرت فيها ان الكنيسة الاولى قد حذفت حقيقة التقمّص التي كان يعتقد بها في العهد القديم.. ويقول الدكتور براين في كتابه انه كان بالحق يوجد اشارات للتقمّص في الكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد غير ان الامبراطور الروماني قسطنطين وهو اول امبراطور روماني يعتنق المسيحية مع امه هيلانه قد حذفا الاشارة الى التقمّص في كتاب العهد الجديد عام 325 ميلادية.. وفي اجتماع المجمع الكنسي العالمي كنسطنبول وقت الحكم البيزنطي عام 553م اكدت الكنيسة على هذا الحذف واعلنت ان التقمّص بدعة استناداً الى ان الاعتقاد به سوف يُضعف قوة الكنيسة لعدم منح الانسان عدة حيوات للخلاص.
ويؤكد المؤلف الدكتور براين ان الآباء الاوائل للكنيسة قد قالوا بحقيقة التقمّص ويعطي امثلة على انهم ولدوا قبل ذلك في حيوات اخرى ومن بينهم القديس المعروف جيروم. ويقول ويس: وفي العهد الجديد من الكتاب المقدس تساءل الناس عن روح النبي إليا قد تقمّص في يوحنا المعمدان مما يعني ان المسيحية المبكرة كانت تعلم بعودة الروح.
واخيراً يجب ان نذكر ان للطبيعة دور موجود امامنا بحقيقته الملموسة الطبية العلمية.. فإننا نذهب للماورائيات لأن لها جوانب حقيقية مثبتة بالتجسّد.. والحقيقة المطلقة هي التجسّد الإلهي ليسوع المسيح الذي علمنا عن عالم الروح الابدي مع ان الكثير من البشر لا يدري ما هي الحقيقة؟!