بقلم هاني الترك

By Hani Elturk OAM

منذ مدة قرأت دراسة اجرتها باحثة في علم الاجتماع في نسبة العذرية بين الفتيات المراهقات الاستراليات… ووجدت الاحصائية ان جزءاً كبيراً من الجاليات الاسيوية واليونانية والايطالية يحافظن على عذريتهن الى يوم الزفاف.. في حين ان 13 في المئة فقط من الفتيات الاستراليات الانكلوساكسونيات يحتفظن بعذريتهن الى يوم الزواج.. اي انهن يمارسن الجنس قبل الزواج.. كما وجدت الاحصائية ان فتاة استرالية واحدة من كل خمس فتيات تصبح حاملاً في سن الخامسة عشرة.
وكنت أود معرفة الوضع بالنسبة للفتيات في الجالية العربية ولكن للأسف لم تشملها تلك الدراسة.. واعرف من خلال علاقاتي مع ابناء الجالية وفي المجتمع العربي ان الفتاة العربية عموماً تحافظ على بكارتها ونقاوتها الى يوم الزفاف ولا تفرط بشرفها.. وهذه العادة المحببة مستمدة من تقاليد المجتمع العربي المحافظ.
اغلب الفتيات الاستراليات الانكلوساكسونيات يمارسن الجنس قبل الزواج في سن مبكرة.. وتكاد الفتاة تصاب بالحرج امام زميلاتها اذا لم يكن لها صديق حبيب أي Boyfriend.. والا ظهرت امامهن بانها فتاة غير مرغوبة وغير مجربة… ولذلك تراها «سائبة» تبيح جسدها للشاب الذي تختاره بمحض ارادتها قبل الزواج.. وهذا في الواقع اهم سبب لفشل الزواج في المجتمع الاسترالي الغربي.
يوجد لي صديق استرالي انكلوساكسوني عزيزاً اعرفه منذ كنت ادرس معه في الجامعة قال لي ذات مرة ما يعجبه في النظام الملكي البريطاني حتمية زواج الملك بفتاة عذراء.. وانه يتمنى – أي صديقي- ان يتزوج فتاة عذراء.. ولكن لا يضمن توفر هذا الشرط الا في فتيات استراليات قليلات.. واصطحبته معي الى بلدي وعرّفته على فتاة عربية وتزوجها وكان الزواج موفقاً ناجحاً.. وقال لي بعد الزواج منها انه يحترم التقاليد العربية في مسألة محافظة الفتاة على عفتها الى يوم الزواج.. لان الزواج هو حدث كبير جداً في حياة الفتاة والشباب.. وفيه الفرحة الكبرى لهما وللأهل..اما الزواج في حياة الاستراليين الذين يمارسون الجنس قبل الزواج فهو شيء عادي وليس حدثاً رئيسياً في الحياة.
ويبدوا ان ممارسة الجنس لدى الفتاة الانكلوساكسونية مع اي شاب قبل الزواج هو مجرد علاقة بين جسدين بغرض اشباع الغريزة.. مع ان الواقع ان الجنس ليس طاقة بيولوجية بحته كما يظن البعض مثلما توجد عند الحيوان بهدف التناسل والتكاثر والبقاء على النوع وتفجير الشهوة.. وانما هي طاقة نفسية جسدية يُعبر عنها بالحب المتبادل.. وتعمل في كل كيان الانسان.. اي ان الجنس في الانسان يندمج في الشخصية ولا يمكن فصله عنها.. فان الطاقة الجنسية يجب ان تكون طاقة دافعة نحو الخلق والابتكار.. ويجب عدم اهدارها قبل الزواج في سبيل اشباعها بدون سيطرة او رادع اجتماعي.. والا اصبحت علاقة غير طاهرة مدنسة لا يعترف بها المجتمع ولا يباركها الله.. فإذا كانت المرأة نصف الكيان الإنساني فليلتصق الرجل بإمرأته عند الزواج ويكونان جسداً واحداً يباركه الله.
وعلاقة الصداقة الصادقة بين المرأة والرجل يمكن ان ترقى عند البعض القليل من الناس الى مستوى الحب الروحاني الخالي من العلاقة الجنسية.. ولكن الحب افلاطوني Platonic Love.. وهو الحب المتسامي المثالي الروحاني.. وهو أقوى بكثير واعمق واخلص من الحب العادي الجسدي.
فسلوك الفتاة التي تمارس الجنس قبل الزواج ناتج عن انجذاب نفعي مؤقت منبعة الفراغ الداخلي والبحث عن المتعة الجسدية اللحظوية.. غير قائم على الاقناع العقلي والنضوج العاطفي بحكم صغر سن الفتاة. ويتشكل من خلال مراحل التربية في البيت منذ السنوات الاولى من العمروحتى بلوغ مرحلة المراهقة.. وسلوك الفتاة الاسترالية تجاه الجنس هو ثمرة الحضارة العلمانية الغربية التي يتميز بها المجتمع الاسترالي.. في حين ان سلوك الفتاة العربية في حياتها هو ثمرة حضارة عربية روحانية وهنا يبدو في هذا المجال تفوق الحضارة العربية والدليل على ذلك نسبة الطلاق المرتفعة في المجتمع الاسترالي الغربي التي وصلت الى حالة طلاق واحدة في كل حالتي زواج. فالزواج عند الاستراليين زال بهاؤه بتلوثه بالخطيئة الجنسية قبل الزواج.. فالزواج هو اتصال جسدي روحي.. فحينما قال الله في الكتاب المقدس «انه خلق الانسان حسب صورته» فإن كلمة انسان لا تعني الروح وحدها ولا الجسد وحده.. بل كليهما معاً فالعلاقة الزوجية هي خبرة كيانية متكاملة.