وديع شامخ – رئيس تحرير مجلة «النجوم»

ونحن  نطوي صفحة  أخرى من تقويم الزمن الأرضي ، لنضع أرواحنا على عتبة قادمة ، نرى  أن  نضع  نصب أعيننا  أسئلة  لا تبلى ، أسئلة  نعيد من خلالها زمناً مضى لا لكي ننام في أمجاده أو نسقطه من ذاكرتنا  كورم يخيفنا تذكره .
مراجعة الماضي جزء من  حيوية الإنسان وسر تجدده ، كما أن الأسئلة  تحمل في طياتها  أسراراً   لا يسعنا إلا  الإنصات الى  دويها   وعمق  جوهرها.
حين  نلتفت الى  الماضي القريب أو البعيد  لا بد أن نحمل  دهشة الطفولة  وسر البراءة كي لا نفقد  بوصلتنا   السائرة  بنا الى الأمام دائما .. في الطفولة ندحر التجاعيد على جسد التواريخ  ، وفي البراءة نشير بسبابة واثقة الى كل خلل  وخطل وثلم وشرخ دون محاباة ، كما فعل ذات يوم الطفل في الحكاية الشائعة بعنوان « ثياب الإمبراطور «
إذ  خضع الإمبراطور  الى وهم  ماكر من وزيره،  وهو صنع ثوب له  من مادة غير مرئية ، وهكذا لبس  الإمبراطور المكيدة كاملة كثوب هلامي  وخرج عاريا  لتباركه الرعية والخدم والحشم  بهذا الثوب العجائبي ، ولكن طفلاً   واحدا أشار بسبابة واثقة من براءتها  الى عري الامبراطور !
وهنا  سقط قناع الخديعة  وتحسس الإمبراطور عريه الحقيقي .
………………………………………
التاريخ ، الماضي زمن حي  فينا طالما نحن لم نستطع التعامل معه بدقة وتجاوزه بوعي ومرونة  وانفتاح وجرأة على الاعتراف بما إقترفنا  من نواقص وزلات  بنفس الأهمية والشجاعة والوضوح  التي  نتبناها  عند الحديث عن  محاسننا ومآئرنا …………………………..
لذا فقد ألزمت نفسي وأنا  أمتطي  صهوة « النجوم»الجامحة  بأحلام نجومها  ومنذ عامين  ، آخذا بنظر الاعتبار  كل المعوقات  والمثبطات  الناشئة من طبيعة العمل أحيانا  أو من  الكوابح  المرتبطة برؤية الآخرين للعمل  الاعلامي  وبالإخض  في مجال إنتاج « مجلة « متوازنة بمادتها  وقادرة على  تحقيق متعة
ووفرة  مهنية ومادية  معاَ .
……………………………..
لقد كانت المهمة صعبة جدا  في ظل تدهور المطبوع الورقي  عموما  في سوق القراءة  المتهالك على  إدمان المواقع الألكترونية  واستقاء الخبر والمعلومة  والموضوعات من منشأ  سريع  وبلا تكلفة تذكر  .
كيف لمجلة « النجوم»  أن تقاوم هذا  الغول  المعلوماتي  وجيوش القراء المسترخين خلف شاشات  الكومبيتور والآيباد و الآيفون و الموبايل ؟
لذا عملت بجد على الإستعانة بسياسة  أزعم أنها  نجحت في إيجاد هوية واقعية  ووجودية للمجلة من خلال اعتماد كتّاب واقعيين  يمدون المجلة بصفحات ثابتة  شهرياً  في مجالات الآداب  الثقافة والفنون  والعلوم  والاجتماعيات  والمنوعات ، والمطبخ والصحة والجمال  والرياضة  وصولاً الى الابراج .
……………………………
لقد أصبح  للنجوم فريق عمل من الكتاب  المحترفين الذي أفتخر  بنتاجاتهم الشهرية،  مع هيئة تحرير  تعمل بتناغم  لجعل المجلة  لائقة  الحضور في  مادتها ولغتها  وأسلوبها ، وبتصميم  متطور  ومتجدد دائما وبمباركة جادة من إدارة المؤسسة.
كما  تبنيت حملة شاملة  لجعل مكتب النجوم ورشة عمل وخلية نحل  للقاءات  النجوم  والشباب على مدار السنتين  لكي نضمن للمجلة  سبقاً  وحيوية  في  التواصل مع المبدعين في  حقول الثقافة والفنون والآداب والإجتماعيات .
ومن  خلال هذه الحوارات  إستطعت أن أبني  جسوراً من  العلاقات  الطيبة  مع المبدعين  والذين أصبحوا جزءاً من  كادر المجلة ، وهذا ما  ساهم في رفد المجلة ماديا من خلال « الاشتراكات «.و الاعلانات.
أو من خلال حضورهم على صفحات  المجلة وهذا  قد ساهم في  رفع نسبة المبيعات وكسب  جمهور إضافي لمطبوعنا   .
……………………………..
منذ عام 1997  والنجوم  تتألق  بحضورها الشهري  في  قلوب القراء ، وهي  مثقلة  بحمولات لا تتناسب مع  قلبها الأخضر ،  عقبات  مادية  وأخرى مهنية .. ،
ولم أكن موسى  ولا أمتلك  عصا سحرية ، سعيت  واجتهدت ، أصبت كثيرا وأخطأت  ، ولكن هاجسي  كان الرهان  على التحدي بهذا المطبوع  وهو يتلقى  كلّ  الإعتراضات  بقلب  أبيض وعقل متفتح ،
ونحن  نشعل شمعة أخرى من عمر « النجوم «
لابد لنا  بحمل ذاكرة  فاعلة ، لا نريد  أن نخلق أوهاماً أو أحلاما ً مبتورة .
نعاهد أنفسنا  أن نكون أبوابا مشرعة  وعقولنا  متفتحة  على الجميع مع الإحتفاظ  بروحية المجلة  ونكهتها  اللبنانية ،  سوف  نرتدي حلّة جديدة تواكب كل التطوارات  الفنية والذوقية  والجمالية ، سنضيف صفحات ومحطات  وأفكاراً  جديدة تجعل من النجوم   لامعة ومتجددة  دائما.
أجزم بحب كامل ، أن النجوم  قطعت شوطا  مهما  لتلبس  « حلّتها «  الجديدة ،  وهي ماضية  بثبات  وإصرار  على النجاح بوصفها  ثالثة الأثافي  في ِقدر مؤسسة الشرق الأوسط الاعلامية  مع  شقيقتيها  الكبرى التلغراف  والوسطى الأنوار  .
أخيرا  تتوجه مجلة» النجوم»   الى القراء الكرام  والعالم أجمع  بالتهنئة الحارة بمناسبة الميلاد المجيد  ورأس السنة الميلادية ،  راجين من الله أن  يمنَّ على العالم بالسلام والمحبة  والإستقرار والآمان.
…………………………