وديع شامخ – رئيس تحرير مجلة «النجوم»

للوطن مرايا وسقوف وجدران وسطوح .. وللمنافي شموس واقنعة
الوطن.. الصورة الأولى والشجرة الأولى والغرسة القلقة في حقل الكائن الغائم .. القلق ..
المنفى هو الأرض المفترضة لهطول مااحتبسَ ، وهو اللسان العارف بالغصّة والشهقة ، وبقايا الطفح الأحمر على الروح..
.. هو الهروب بالحلم الى أقصاه.
يالله ..  لا تقصيني ..  لا تُدنيني.. لا تأخذ بعضي ..
أدخلني في فُلك قبل اللوح ومرايا الطوفان  ..
انزلني يالله في أول محطة …
فأنا مثقوب الروح وجسدي ينزّ نزقاً  وعفة …
مصاب بدوار البحر ، والوصايا على طرف شهقتي

……………………………

للوطن ناسه وصباحاته وأنينه وموته ،وهو مرتع الحلم وباب الذكريات وخزانة الصور، وحب ابنة الجيران ، وله أيضاً عَسله المغشوش وفراشاته المنتحرة في حومة التعاويذ ..
للمنفى إشراقة ومساء ، وزاد وبهجة .. لمن يتعلم النسيان..
اعتقني يا ربي
…………………….
لايمكن أن تكون في الوطن و ترنو الى المنفى إلا لخللٍ في العلاقة، لعَوَقٍ ماثل ، لا تدركه هلوسة وطنية ، ولا زعيق مجاني ..
عندما يركبُ رأسك المنفى، المهجر ، البعد، النأي،.. فتذكر أنك في خانة القلق .
للوطن أحلامه واضغاثها .. وللمنفى كوابيسه ..
ربما كان المنفى حلماً والوطن كابوساً.. ربما كان المنفى أحلام يقظة في قلب الوطن.!!
ُملتبسٌ هو الإنسان ، وضعيف ومكدود وملعون ، إذا َسحقت أضلاعه البضة مطرقة الوطن وسنادين الحنين..
يالله لا تجمعني مع كلب الطوفان ولسان الأخضر في قافلة النسيان
لا أريد أن أكون حمامة ، لا ثعلب في غابة ماء .
…………………..
دائما زادي الحلم وزوادتي المغامرة، ركبتها ووليت روحي نحو مآلها .. لاأعرف حقا إن كنتُ الآن في الوطن ، أم في «: المنأى»
مطرقة تعوي بالمنفى ?المهجر- النأي .. الابتعاد طوعاً و كرهاً.

يا كير الحداد …. إبعد عني شرر السندان ، وكيل الطوفان … يالله
………………………
هل يمكن أن نعيش هكذا في وطن أو في « منأى» دون مزايدة وسوق للنخاسة ،دون دولة للداخلين وامبراطورية للخارجين..؟
دون تعويذة للبقاء و ضريبة للخروج.. هل أصرخ عالياً وجسدي مقدّد بين داخل الحكاية وخارجها ؟؟
هل كان المنفى هو « المنأى ؟
أم  الوطن عاقر يقترض أبناءه من خزائن الأرض حين أينعت غلتهم وأدسمت قرائحهم واصلبَّ عودهم هناك? بعد أن شتتهم في عجاف أيامه وفرقهم في محطات ليله الطويل !!
………………………..
مَنْ كان الزوادة ومن كان الزائدة!؟
شلالات من الأرواح اللائبة تحترق في دوامة النار والنور.. تتفحم في بداية النفق ، أو تكون رتّاجا لباب لا ينفتح إلا على الريح..
هل الوطن ريح ونشور ، والمنأى جبل عاصم …
هل الوطن طوفان والمنافى سفن وفلك ..وأفلاك!؟
هل الوطن لوح محفوظ في خزائن الذي لا يأتي أبدا، والمنأى حقول بكر ُتمرغ فحولة المنحدرين من سيول النجاة؟
للحلم محطات وأجنحة .. وللمنفى أبواب ونوافذ وحرائق وحقول ، وللمنأى عسس يشمون روائح الذي لا يأتي..
هل باض الوطن عيونه على الطرقات .. أكنّا بيوضا بلا حضن حقا؟؟
هل يحتاج الوطن الى دليل أم الى أدلاء؟
لماذا كان الدليل قائماً للرحيل ، للهروب ، للنأي …
من يستطيع ان يحلم ويضع النقاط على الخارطة؟
منْ يهذي ويحمل لسانه ليذري زؤام ما حصدته النوافذ والنوايا والأشرعة؟؟ ..
من يعرّف الحلم .. الوطن .. خزانة الحياة؟
كلّ الطريق اليكَ عابقة بالشوك .. كلّه يزحف .. يرتجف .. كيف الوصول ، والباب الواقف على شفتيك مقفول بالفحيح!!!
……….
لم تكن بابَ جَنةٍ لنحفظ مراسيم اليقظة والولوج….
لم تكن نافذة .. لنحفظ في جيوبنا السرية سرّ الدخول…
لم تكن سرا ، لُنناوب الشفاه أصفرارها في متاهة القول..
لم تكن كلمة ، لنبعثر حروفها في طلاسم .. ونبتكر حوتا ونبتلعكَ…..
لم تكن أيها الغريب غير شجرة … نعم شجرة .
التحف العابرون بظلالها ، وتنملّت أصابع العاشقين على لحائها ..
ماذا يكتب الفرقاء في أحلامهم ؟
على أيّة سبورة يغفو الحرف .. قبل ان تثمل اللغة ؟
على أيّ يقين أملس تكون طلسما ، وطرساً ؟
وأنتَ ما زلت بين الحلم وبين المنأى..مُفكِّرا في وطن ُيقصيكَ دهراً، لتشحذه ثانية…!!
………….
لا أعرف سعركَ  في سوق الحلم وسوق الصرف وماء الطوفان…..
لا أعرف مقاس قامتك ، وعرض أكتافك ، وطراوة جبينك
هل ما زلت تحمل جبينا يندى.. حين تعبرّ أسوار مدينتكَ  ؟
……………….
خمبابا .. يا ولدي مصطبة للراحة
والوحش القادم أنتم .
…………………
لماذا يا جلجامش لا تحفظ وصايا الله ..
من وشى بكَ ؟
أنكيدو، حانة غفلتك.. أتونابشتم ، افعى اليقظة !!؟
…………
من ْ ياالله يذهب لفم الأمواه . وسر الأسرار
من يا ربي ؟
غير غريب .. يتعثر بوطن .. فيبني حانة
يتعثر بربه فيقيم معبداً
يتعثر بحلمه فيحرز تعويذة…
حقا أنه يتعثر بالطريق الى وطنه ..
ولا يريد حلّ اللغز ..
لماذا هو لغز إذن؟
أهو وطن أم حلم أم منأى؟؟
………………………..