Hani-Elturk2

بقلم هاني الترك

By Hani Elturk OAM

فتح الاعلاميان سيلفا مزهر وغسان نخول من اذاعة اس بي اس الحوار المباشر حول انشاد الطلبة المسلمين في المدارس النشيد الوطني الاسترالي ومفهوم التعددية الثقافية وقلت: ان آداء الطلبة المسلمين للنشيد الوطني الاسترالي هو من صميم التعددية الثقافية والحضارية التي تميّز المجتمع الاسترالي اذا طُبّقت بالشكل الصحيح .. فإن التعددية الثقافية والحضارية هي واقع معاش وتعريفها هي محافظة المهاجرين على ثقافتهم وتقاليدهم وتراثهم ولغاتهم وديانتهم مع التفاعل بالمجتمع الاسترالي.
ولكن أُسيء تطبيق السياسة اذ ان بعض الجاليات ومن بينها الجالية العربية تقوقعت وانعزلت بما يسمى احياء الجيتو (اي مناطق الاقليات) مثل لاكمبا واوبيرن وبانكستاون.. فان المجتمع يسمح بالتعددية الثقافية والحضارية من اجل عدم الذوبان ولكن الانخراط والتفاعل مع المجتمع الاسترالي.. اي يمكن للمهاجرين ان يغرفوا  من عناصر الثقافة والحضارة التي تروق لهم وتتسق مع اسلوب حياتهم.. مع الولاء التام لاستراليا واحترام القيم وثقافة وحضارة المجتمع الاسترالي.. ومن هنا توجب المشاركة في آداء النشيد الوطني الاسترالي.. والخضوع للنظم القانونية الاسترالية .. اني اذكر اني سألت رئيس الوزراء الاسبق بول كيتنغ منذ عدة سنوات في مؤتمر صحافي عقده كيتينغ عن مستقبل التعددية الثقافية والحضارية لاستراليا فقال: اننا الآن نتمتع بالتعددية الثقافية والحضارية ولا نعلم كيف سوف تتبلور وتتطور الثقافة والحضارة الاسترالية بعد فترة من الزمن لتعكس الواقع المعاش.
وقبل تعريف الثقافة والحضارة (اذ امتدت الثقافة ابعد من حدودها وتصل الخارج ستصبح حضارة فمثلاً ان الثقافة الاسترالية تنتمي الى الحضارة الغربية).. وتعريف الثقافة هي مجموعة التقاليد والقيم واللغات والديانات واساليب الحياة والصناعة التي تتميز اي امة عن الاخرى.. فحتى الآن فإن الثقافة الاسترالية الانكلوساكسونية التي تنتمي للحضارة الغربية هي السائدة .. ونحن لم نسهم حتى الآن في ثقافة وحضارة المجتمع الاسترالي الا بالاطعمة اللبنانية.. صحيح انه ظهر بيننا شخصيات مميزة مثل الحاكم السابق لنيو ساوث ويلز دام ماري بشير ورؤساء حكومات ووزراء.. ولكن مالذي اضفناه من خلال هذه الشخصيات للثقافة والحضارة الاسترالية؟.
ومساهمة الجالية العربية لا تبدو بأي شكل انها اثرت على المجتمع الاسترالي .. وليس البناء والتعمير مساهمة ثقافية كما ظن احد المستمعين في برنامج الحوار المباشر على اس بي اس.. فنحن نشكل مشكلة لاستراليا.. هكذا بصراحة.. وحتى ان الكاتب ديفيد معلوف الذي والده لبناني جوزيف معلوف وهو من اكبر كتاب استراليا لم يؤثر او يتأثر في كتاباته باي عنصر من الثقافة اللبنانية او العربية.. وهو يقول ان الصدفة وحدها قادت وجوده وفجرت موهبته الادبية.. ولعبت امه دوراً كبيراً في تثقيفه وهي اصلاً يهودية الديانة من بريطانيا ومن سكوتلند اذا لم تخنّي الذاكرة.
علينا اذا ان نتفاعل مع المجتمع الاسترالي وننفتح عليه حتى نؤثر فيه ونتأثر منه.. ونظهر الوجه الايجابي لثقافتنا وليس من خلال فرضها بالتعسف لأن ذلك ينجم عنه العكس.. وهو عدم قبول ثقافتنا .. مثل عدم انشاد النشيد الوطني الاسترالي ولكن من خلال المشاركة.. فنحن نعيش في مجتمع ديمقراطي يتميز بالحرية والمطلوب منا الانخراط والتفاعل حتى نفهم ثقافة المجتمع الاسترالي ومن ثم نسهم في نسيجه من عناصر ثقافتنا.. مثل فتح الجوامع والمراكز الاسلامية العامة امام الشعب.. فهي مبادرة ممتازة.. لفهم استراليا الجوانب المضيئة للإسلام وليس التطرف والتعسف والعنف .