تفجّرت حالة من الغضب الشعبي والسياسي في أستراليا بعد صدور تقرير صادم من هيئة Aged Care Quality and Safety Commission، يكشف عن سلسلة انتهاكات جسيمة داخل منشأة للرعاية المسنين في ضواحي بريسبان، تشمل الإهمال الطبي، نقص العاملين، وتعرّض عدد من القاطنين لسوء معاملة ممنهج.
وأظهر التقرير أن المنشأة — التي تستضيف أكثر من 110 مسنين — فشلت في الالتزام بـ 7 معايير أساسية، من بينها النظافة، رعاية التغذية، التعامل مع المرضى المصابين بالخرف، وسلامة الأدوية. كما وثّق المفتشون حالات تعرض فيها المرضى لساعات طويلة دون تغيير الملابس أو تلقي وجبات منتظمة، بالإضافة إلى تأخيرات خطيرة في إعطاء الجرعات الطبية.
وأشار عدد من أهالي المسنين إلى أن شكاواهم تم تجاهلها لأشهر، رغم تقديم أدلة واضحة على سوء المعاملة. وأكدت إحدى الأسر أن والدتها المصابة بالخرف تُركت مقيدة لساعات دون إشراف طبي، وهو ما اعتبرته الأسرة “معاملة غير إنسانية”.
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة الفيدرالية أنها ستتخذ إجراءات “حازمة” بحق المنشأة، تشمل تعيين مدير خارجي مؤقت، وإلزامها بتوظيف عدد إضافي من الممرضين، وإجراء مراجعات أسبوعية إلزامية. كما تم فتح تحقيق جنائي في بعض الوقائع التي قد ترقى إلى إساءة معاملة كبار السن.
ويأتي هذا الحادث في ظل أزمة مزمنة في قطاع رعاية المسنين، حيث تشير الإحصاءات إلى أن القطاع يعاني نقصًا يقدّر بـ 20 ألف عامل، مع ارتفاع معدلات الإرهاق الوظيفي وضعف الرواتب، ما يدفع العديد من الممرضين لمغادرة القطاع تمامًا. كما تكشف التقارير عن تزايد الشكاوى من المنشآت الخاصة التي تركز على الربحية مقابل جودة الخدمة.
ويرى خبراء أن الأزمة ستتفاقم مع ارتفاع معدل الشيخوخة في أستراليا؛ إذ سيصل عدد كبار السن فوق 85 عامًا إلى أكثر من 1.1 مليون شخص بحلول 2035، ما يتطلب إصلاحات واسعة في البنية التحتية والتمويل ونماذج الرعاية.
الحكومة الآن تحت ضغط شديد لإصلاح القطاع قبل الوصول إلى أزمة إنسانية شاملة، فيما تتزايد مطالب المجتمع المدني بتشديد الرقابة ومنح العائلات حق الاطلاع الكامل على سجلات الرعاية داخل المنشآت.

