تخزن أستراليا حاليًا ما يقل عن شهر واحد من وقود الطائرات (النافثا) والبنزين والديزل، وتعد الدولة الوحيدة التي لا تفي بالتزامات المعاهدات الدولية بخصوص الاحتفاظ باحتياطي كافٍ من النفط لمواجهة حالة طوارئ عالمية.

هذا النقص الحاد في إمدادات الوقود أثار تحذيرات جادة بأن أستراليا قد تجد نفسها عاجزة سريعًا عن تزويد رفوف المتاجر الكبرى والصيدليات بالبضائع أو تشغيل حركة الشحن بين الولايات في حال حدوث اضطراب خطير في سلاسل الإمداد العالمية.

وضع المخزونات الحالية والالتزام الدولي

وفقًا لأرقام صادرة عن إدارة التغير المناخي والطاقة والبيئة والمياه، كان لدى أستراليا في يوليو 2025 مخزون نفطي يعادل 49 يومًا فقط من صافي وارداتها. هذا الرقم يقترب من أدنى مستوياته القياسية التي سُجلت في عام 2017، ويقع بكثير دون الحد الأدنى المطلوب وهو 90 يومًا بموجب المعاهدة العالمية الموقعة مع وكالة الطاقة الدولية (IEA) عام 1974، والتي تضم الآن 32 دولة. تجدر الإشارة إلى أن أستراليا لم تمتثل لالتزام الـ 90 يومًا منذ عام 2012.

وتظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية أن متوسط تغطية الاستيراد لدى الدول الـ 27 الأعضاء التي تعد مستوردة صافية للنفط مثل أستراليا، وصل إلى 141 يومًا في يونيو 2025. وتأتي نيوزيلندا في المرتبة الثانية بعد أستراليا بأقل إمدادات نفطية، لكنها حافظت على تغطية استيراد تبلغ 92 يومًا.

بناءً على معدلات الاستهلاك العادية، قدرت الإدارة الحكومية أن أستراليا لديها إمدادات تكفي لـ 20 يومًا فقط من وقود الطائرات، و 24 يومًا من الديزل، و 28 يومًا من البنزين في يوليو. هذه البيانات تشمل المخزون الموجود على اليابسة وفي المياه الساحلية المحلية فقط.

تحذيرات من “توقف تام للبلاد”

أعرب ريك باتريك، السناتور المستقل السابق وغواص البحرية، عن قلقه الشديد إزاء نقص إمدادات الوقود. وفي تصريح لصحيفة فاينانشال ريفيو الأسترالية، قال باتريك:

“قد يتم إغلاق البلاد دون إطلاق رصاصة واحدة على الأراضي الأسترالية.”

“إذا كان الناس قلقين بشأن ورق التواليت أثناء جائحة كوفيد، فلينتظروا حتى يدركوا أنه لا يوجد طعام يصل إلى المتاجر الكبرى، ولا أدوية تصل إلى الصيدليات؛ لأن هذا هو الواقع الذي يحدث عندما ينفد مخزون الديزل.”

وأشار باتريك إلى أن غالبية سلسلة الإمداد اللوجستي للمواد الاستهلاكية في أستراليا تعتمد على الشحن بالشاحنات، الذي يعتمد بدوره على الديزل. وكل ما يتطلبه الأمر هو اضطراب بسيط في سلسلة التوريد لإحداث مشكلة كبرى.

الأسباب والاعتماد على الواردات

تعتمد أستراليا بشكل خاص على واردات الديزل مقارنة بالاقتصادات المماثلة بسبب هيمنة الشحن البري لمسافات طويلة. وأكبر ثلاثة موردين للنفط المكرر لأستراليا هم سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان.

من جانبه، أرجع توني وود، الزميل البارز في برنامج الطاقة في معهد غراتان، سبب المشكلة إلى إغلاق مصافي التكرير المحلية. ففي السبعينيات، عندما بدأت معاهدة وكالة الطاقة الدولية، كان لدى أستراليا حوالي اثنتي عشرة مصفاة نفطية ومرافق تخزين كبيرة، ولكن تم إغلاقها تدريجياً، وأصبحت أستراليا الآن تملك مصفاتين فقط وتعتمد بشكل كبير على الوقود المستورد.

الرد الحكومي: “أمن وقود مضمون”

رداً على سؤال حول موعد امتثال أستراليا للمعاهدة، قال متحدث باسم وزير التغير المناخي والطاقة، كريس بوين، إن أستراليا “في وضع أمن وقود مضمون”.

وأضاف المتحدث أن أستراليا “تحتفظ الآن بمخزونات أكبر من وقود الطائرات والبنزين والديزل مما كانت عليه في أي وقت خلال الـ 15 عامًا الماضية”، مستشهداً بمقياس مختلف لإمدادات الوقود يُعرف باسم التزام الحد الأدنى من المخزون (MSO)، الذي تم إنشاؤه في عام 2021.

يشمل هذا المقياس الحكومي مخزونات الوقود في خطوط الأنابيب وعلى المياه ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لأستراليا، وهي إمدادات تستثنيها وكالة الطاقة الدولية لأنها ليست في متناول اليد بشكل فوري. وأكد المتحدث أن هذه الاحتياطيات المحلية “تضمن حاجزًا أدنى يتراوح بين 4 إلى 5 أسابيع” ضد انقطاع كامل لإمدادات الوقود.