يزعم ناشطون أستراليون اعتُقلوا أثناء محاولتهم كسر الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على غزة تعرضهم لسوء معاملة خطير على أيدي السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب الجسدي داخل بيئة سجن وُصفت بأنها “بائسة”. وقد ظهرت هذه التفاصيل في تقارير دبلوماسية أسترالية بعد لقاء مسؤولين بالقنصلية مع المعتقلين.

كُشف النقاب عن تفاصيل جديدة حول تجارب أعضاء أستراليين في “أسطول الصمود العالمي”، وهي مجموعة من السفن اعترضتها البحرية الإسرائيلية قبالة سواحل غزة في أواخر الأسبوع الماضي.

مزاعم الإساءة في الاعتقال

اُعتقل المئات من الناشطين، من بينهم سبعة أستراليين والناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا تونبرغ، واحتُجزوا في سجن كتسيوت شديد الحراسة، القريب من الحدود الإسرائيلية-المصرية في صحراء النقب.

حصلت هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC) على ملخصات منقحة لخمسة تقارير أعدها موظفون دبلوماسيون أستراليون في إسرائيل بعد لقاءاتهم مع المواطنين الأستراليين المحتجزين.

تتضمن التقارير مزاعم بأن حراس السجن قاموا بركل وصفع المعتقلين، واستخدموا أساليب “الحرمان من النوم”، وصادروا الأدوية. وقال آخرون إنهم لم يتعرضوا لاعتداء جسدي لكنهم تعرضوا “للإهانة”، حيث زعم أحدهم أنه طُلب منه “الرقص كالقرد”.

زعم الرجال أنهم وُضعوا في “قفص كبير” ثم تعرضوا للصراخ والشتائم من قبل وزير حكومي إسرائيلي وصفهم “بالإرهابيين”. وأفاد بعض الأستراليين بأن المعاملة القاسية من السلطات الإسرائيلية بدأت بعد وصول طواقم السفن إلى ميناء أشدود جنوبي إسرائيل، بعد ساعات من اعتراض القوارب في البحر المتوسط.

قُدمت هذه التقارير إلى عائلات السجناء الأستراليين من قبل وزارة الشؤون الخارجية والتجارة (DFAT)، ثم جُمعت وشُوركت مع هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC).

روايات مفصلة عن سوء المعاملة

أحد التقارير، الذي يُعتقد أنه يتعلق بالمعتقل سوريا ماكيوين، يورد تفاصيل عن سوء المعاملة المزعوم على يد السلطات الإسرائيلية. وذكر التقرير أن ماكيوين أبلغ مسؤولين أستراليين زاروا السجن يوم الجمعة الماضي أن “القوة المستخدمة كانت في حدها الأدنى” عند اعتراض سفينته ونقل المجموعة إلى اليابسة.

ولكنه أضاف أنه بعد ذلك، “تلقى معاملة أكثر خشونة وعنفاً، بما في ذلك التعرض للصفع، وخلع ذراعه، وضرب رأسه بالأرض“. وزعم ماكيوين أيضاً أنه “وُضع في قفص كبير مع 80 شخصاً آخرين لساعات طويلة بينما قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بزيارتهم والصراخ والشتائم عليهم” ليلة الخميس الماضي. وسُجل في التقرير مخاوف ماكيوين من أن جواز سفره قد “دُمر”، حيث قال إن “جنوداً إسرائيليين مزقوا صفحات من جواز سفره أمامه على متن سفينته” بحجة أن الجواز “مزوّد بشريحة إلكترونية”.

مخاوف صحية وظروف “بائسة”

أشار تقرير آخر، يُعتقد أنه يخص المعتقلة جولييت لامونت، إلى مزاعم بتعرضها “لرش بمدفع مياه، وتُركت تجلس في منطقة سيئة التهوية ويداها مقيدتان وملابسها مبللة لمدة 7 ساعات”. وخلال هذا الوقت، قالت إنه “تم دفع رأسها مراراً وتكراراً من قبل قوات الأمن الإسرائيلية”.

وأشارت لامونت إلى أن “حارساً حذرها من شرب الماء من منشأة الاحتجاز، وأن الماء النظيف لم يُقدم لها”. وعبّرت عن “قلقها البالغ” بشأن صحتها الجسدية بسبب حالة ضغط الدم المزمنة لديها، وأفادت بأنها تشعر بالجفاف، والضعف، والدوار، والارتباك.

ووصفت لامونت بيئة السجن بأنها “بائسة”، وامتنعت عن تناول الطعام خوفاً من التسمم، وقالت إن دوائها صُودر. وأشار تقرير زيارة متابعة يوم الأحد إلى تحسن حالتها الصحية وحصولها على دواء ضغط الدم.

كما اشتكى معتقل آخر من أن “الماء داخل زنزانته كان فاسداً” ولم يتوفر ورق مرحاض. وذكر التقرير أن المعتقل “أُجبر على خلع جميع ملابسه، فك شعره (الذي كان مربوطاً كذيل حصان)، و’الرقص كالقرد’ أمام حراس السجن”.

الرد الإسرائيلي ومطالب العائلات بالإفراج

رفضت السلطات الإسرائيلية في وقت سابق من هذا الأسبوع مزاعم سوء معاملة الأستراليين وأفراد الطاقم الآخرين المحتجزين لديها. وصرّحت وزارة الخارجية الإسرائيلية لهيئة الإذاعة الأسترالية (ABC) بأن “مزاعم سوء معاملة الأستراليين الذين كانوا على متن السفن هي أكاذيب كاملة”. وأكدت أنه “بالطبع، مُنح جميع المعتقلين من حملة ‘حماس-الصمود’ إمكانية الحصول على الماء والطعام والرعاية الطبية… ولم يُحرم المعتقلون من الوصول إلى مرافق الحمامات – بل لديهم مرافق حمام داخل الزنازين”. وأصرت الوزارة على أن “جميع حقوقهم القانونية، بما في ذلك الرعاية الطبية، تم الوفاء بها بالكامل”.

في المقابل، دعت عائلات الأستراليين المحتجزين في إسرائيل الحكومة الأسترالية إلى بذل كل ما في وسعها لضمان إطلاق سراحهم. وقال أناندان ماكيوين، شقيق سوريا ماكيوين، إن عائلته “قلقة جداً” بشأن سوء المعاملة، واصفاً أخاه بأنه “ليس ناشطاً، وليس متطرفاً، إنه بسيط جداً ومهتم، وهو مواطن أسترالي عادي”.

من جانبه، قال وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلز إن الحكومة الفيدرالية تتواصل مع السلطات الإسرائيلية وتقدم الدعم للأستراليين. وأضاف: “لقد أوضحنا أن الأستراليين لا يجب أن يكونوا في وضع محاولة خرق الحصار القائم. وكان هذا أمراً يتعلق بسلامتهم الشخصية”. ولكنه أكد أنهم “سيستمرون في تقديم المساعدة القنصلية لهؤلاء الأشخاص”.

ووصفت جين روبنسون، محامية الأستراليين المحتجزين، المزاعم بأنها “انتهاكات لحقوق الإنسان” من قبل إسرائيل، وطالبت “إسرائيل باحترام حقوق هؤلاء المواطنين الأستراليين وإطلاق سراحهم فوراً”.

مزاعم عرض مقاطع فيديو لهجوم 7 أكتوبر

أفادت التقارير الدبلوماسية أيضاً بأن مسؤولي السجن قاموا بإحضار أجهزة تلفزيون إلى سجن كتسيوت وعرضوا مقاطع فيديو لهجمات حماس في 7 أكتوبر 2023 ضد إسرائيل “بشكل متكرر وبصوت عالٍ”.

يتوافق هذا الادعاء مع ما حدث في الأسطول الأخير الذي اعترضته القوات الإسرائيلية في وقت سابق من هذا العام، حيث أُجبرت الأطقم على مشاهدة مقاطع فيديو مماثلة.

في مشهد منفصل، ظهر مقطع فيديو للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي أدين بجرائم إرهابية وواجه عقوبات من دول مثل أستراليا للتحريض على العنف ضد الفلسطينيين، وهو يصف الناشطين “بالإرهابيين” أثناء زيارته لميناء أشدود وسجن كتسيوت.