شهدت مناطق شمال شرق سوريا هجمات جديدة لتنظيم داعش، وهناك مخاوف من أن هذا الهجوم، الذي جاء بعد سلسلة عمليات مشابهة خلال الأشهر الماضية، يعكس عودة التنظيم الإرهابي إلى واجهة المشهد السوري، مستفيداً من اضطراب العملية السياسية والأمنية التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد قبل تسعة أشهر.
وقالت مصادر محلية إن «قوات التحالف الدولي نفذت، أول من أمس، عملية إنزال جوي في مدينة الشحيل، بمشاركة عناصر من (قسد)، أسفرت عن اعتقال شخصين بتهمة الانتماء لخلايا تنظيم داعش».
وأوضحت المصادر أن العملية جرت وسط تحليق مكثف للطيران المروحي في أجواء المنطقة، بالتزامن مع استنفار أمني وقطع للطرق المؤدية إلى موقع الإنزال.
وشهد نشاط التظيم تفجيرات انتحارية، أبرزها تفجير كنيسة يونانية أرثوذكسية في دمشق، يونيو الماضي، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وكمائن واغتيالات بحق عناصر الجيش السوري و«قسد».
اللافت أن التنظيم لم يعد محصوراً في مناطقه التقليدية شرق البلاد أو البادية السورية، بل وسع نطاق عملياته إلى مناطق أكثر عمقاً في الداخل، ما يثير مخاوف من قدرة متجددة على المناورة وإثبات الحضور.
يستند «داعش» في عودته إلى جملة من العوامل المترابطة، أبرزها تعثر العملية السياسية: الانقسامات داخل الحكومة الجديدة (الجيش السوري، قسد، السويداء) والتي خلقت ثغرات يستغلها التنظيم، كما أن الانسحاب الأمريكي التدريجي، وتقليص القوات من 2000 جندي إلى 1400 نهاية 2025، مع خطط لخفض إضافي بحلول 2026، أضعف العمود الفقري للتحالف الدولي.
حادثة 25 سبتمبر ليست مجرد عملية أمنية معزولة، بل جزء من مشهد أوسع يعكس عودة «داعش» إلى لعب دور تخريبي في الساحة السورية، وبينما تنشغل دمشق الجديدة بترسيخ سلطتها وتواجه انقسامات داخلية وضغوطاً خارجية، يجد التنظيم فرصة نادرة لممارسة إرهابه.
وإذا لم تتوافر استراتيجية مشتركة محلية ودولية لمواجهته، فإن سوريا قد تدخل مجدداً في دوامة الإرهاب التي تهدد المنطقة مجدداً، وربما أسرع طريق نحو محاصرة اندفاع التنظيم الإرهابي هو في البناء على التوافق السوري الشامل، وفق رؤية يشترك فيها الجميع لبناء دولة مستقرة تتطلع إلى الازدهار. وليس خافياً أن سرعة التحرك السوري للقضاء على داعش وإفشال مخططه للعودة سيغلق أبواباً كثيرة للتدخلات الخارجية.
حيث أثبتت التجربة السورية السابقة في الحرب الطويلة الداخلية أن أخطر انهيار في سوريا كان انتشار «داعش» وسيطرته على أراض واسعة في سوريا والعراق، وهو ما حول البلاد إلى ساحة دولية لتجميع الإرهابيين في سوريا. المعطيات الحالية تشير إلى أن الحكومة الحالية في دمشق لن تدع هذه الثغرة تكبر وتعيد البلاد إلى دوامة الإرهاب والفوضى.

