يُجمع الخبراء على أنّه ما دام أنتوني ألبانيزي في منصب رئيس الوزراء، فلن يُدعى الأستراليون للتصويت في استفتاء على إقامة نظام جمهوري، موضحين أنّه “لا جدوى” من طرح الاقتراح حاليًا.

رغم كونه مؤيدًا قديمًا لإقامة جمهورية أسترالية، صرّح ألبانيزي لـ “إس بي إس نيوز” (SBS News) بأنّه لن يسعى للمضي قدمًا في هذا التغيير الدستوري.

قال ألبانيزي: “لطالما دعمت فكرة أن يكون رئيس دولتنا أستراليًا. لكن الترتيبات الحالية قائمة… ولدينا، على ما أعتقد، علاقة قائمة على الاحترام المتبادل ولدينا ملك، جلالته، الشغوف والمهتم بأستراليا، بالشؤون العالمية، وبالمستقبل.”

وأشار في حديث لبرنامج “إنسايدرز” (Insiders) إلى أنّه: “أعتقد أنني أوضحت أنني أردت إجراء استفتاء واحد فقط خلال فترة رئاستي للوزراء، وقد فعلنا ذلك”، في إشارة إلى استفتاء عام 2023 الذي سعى لتكريس صوت السكان الأصليين (Indigenous Voice to Parliament) في الدستور، والذي رفضه ما يقرب من 60% من الأستراليين.

وأكّد ألبانيزي: “نحن نركّز على تكلفة المعيشة وإحداث فرق عملي وحقيقي في حياة الناس.”

يتعارض هذا التصريح مع منصة حزب العمال الأسترالي، التي تضع “العمل نحو تأسيس جمهورية أسترالية برئيس دولة أسترالي” ضمن أهدافها لتحديث الدستور. ومع ذلك، يتفق الخبراء على أن قرار ألبانيزي صائب.

“لا مكاسب سياسية” من استفتاء آخر

يرى الخبراء أنّ أحد الأسباب الرئيسية هو غياب الفائدة السياسية حاليًا.

بروس هوكر، المستشار العمالي السابق، يشدد على أنّه “لا جدوى” من إجراء استفتاء دون دعم الحزبين الرئيسيين. وأشار إلى أن الدعم من كلا الحزبين كان حاسمًا في الثمانية استفتاءات التي أدت إلى تغيير دستوري من أصل 44 سؤالًا تم طرحها حتى الآن.

وقال هوكر لـ “إس بي إس نيوز”: “هذا يعني عمليًا، أنّه ما لم يكن لديك هذا الدعم، فأنت تهدر أموال دافعي الضرائب.” ويقترح أن حزب العمال ما كان ينبغي أن يمضي قدمًا في استفتاء “الصوت” بمجرد أن أصبح واضحًا أن الائتلاف المعارض سيعارضه.

كما تراجعت دعوة ألبانيزي الشخصية للجمهورية خلال تعديل وزاري في عام 2024، حيث ألغت الحكومة منصب أول وزير مساعد للجمهورية في البلاد، وهو مات ثيستلثويت.

تجنّب خسارة “رأس المال السياسي”

يتفق بول ويليامز، عالم السياسة في جامعة غريفيث، على أن الاستفتاء الأخير “أرهق” ألبانيزي شخصيًا، واستغرق حزب العمال “وقتًا طويلًا للتعافي منه.”

ويرى ويليامز أنّ رئيس الوزراء غير مستعد لتبديد “رأس ماله السياسي” المستجد، مع عدم وجود “أي مكاسب سياسية” من استفتاء آخر، خاصة في ظل طموحات ألبانيزي طويلة الأجل.

وأضاف: “من شبه المؤكد أنّه سيفوز في الانتخابات القادمة عام 2028، وقد يتطلع إلى ولاية أخرى بعد ذلك ليصبح أحد رؤساء وزراء حزب العمال الذين خدموا أطول فترة. هذه هي خطته،” وأشار إلى أن ألبانيزي “لا يريد تعريض أي من ذلك للخطر بخسارة أي رأس مال سياسي غير ضروري. لديه مشاكل أكبر ليحلّها تتعلق بالإصلاح الضريبي، وإصلاح الإسكان، وتلك القضايا الأساسية.”

ويليامز يرى أن قضية الجمهورية المتخصصة لا تستحق تنفير الناخبين، أو ما هو أسوأ، تزويد الائتلاف بذخيرة للادعاء بأن ألبانيزي يركّز على قضايا غير مهمة.

هل يدعم الناخبون الجمهورية؟

يُظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة “يوغوف” (YouGov) في نوفمبر 2024 (بمناسبة مرور 25 عامًا على فشل استفتاء الجمهورية السابق)، وشمل 1500 ناخب، أن 59% من الأستراليين سيرفضون الاقتراح. ووجد الاستطلاع أن نية التصويت لصالح الجمهورية كانت أقل بـ 4 نقاط مئوية مما كانت عليه في عام 1999، حيث أيّد 41% فقط من الأستراليين الجمهورية.

على الرغم من ذلك، قالت إستير أناتوليتيس، الرئيسة المشاركة للحركة الجمهورية الأسترالية، إن هذا التحرك من ألبانيزي كان مفاجئًا، نظرًا لدفاعه الطويل الأمد عن الجمهورية، وأصرّت على وجود دعم متزايد للحركة.

في المقابل، قال ديفيد فلينت، المنسق الوطني لمنظمة “أستراليون من أجل الملكية الدستورية”، إن القرار يعكس “واقعية عدم وجود اهتمام أو شغف كبير في أستراليا [للتغيير].”

ويؤكد الخبراء، ومنهم ويليامز، أنّه “من الواضح أنّه لا توجد رغبة في أن تصبح أستراليا جمهورية في أي وقت قريب.” ويرجّح أن يكون الدعم أكثر احتمالية لاستفتاء يؤثر على الناخبين بطريقة ملموسة.

واختتم ويليامز: “هل سيحسن حياتي؟ هل سيجلب لي زيادة في الأجر؟ هل سيمنح أطفالي منزلًا؟ تلك هي أنواع الأسئلة التي يطرحها الكثير من الأستراليين. وبالطبع، الإجابة هي لا [فيما يتعلق بالجمهورية].” ويتفق هوكر مع هذا الرأي، حيث يرى أنّه ما لم تتمكن الحركة الجمهورية من إظهار كيف ستتغير حياة الناخبين ماديًا نتيجة للتحول إلى جمهورية، فسوف يستغرق الأمر “وقتًا طويلًا قبل أن يسلك الجمهور الأسترالي مسار دعم استفتاء من هذا القبيل.”