أطلقت شركة “سوفيرين أستراليا إيه آي” (Sovereign Australia AI) مبادرةً جديدةً لإنشاء بنية تحتية محلية للذكاء الاصطناعي بهدف تطوير نموذج أساسي قادر على المنافسة بتكلفة لا تتجاوز 100 مليون دولار. وقد تم تخصيص 10 ملايين دولار لتعويض مالكي حقوق الطبع و النشر مقابل استخدام بياناتهم في التدريب. يهدف هذا المشروع إلى تقليل الاعتماد على الأنظمة الأجنبية و تعزيز القدرة التنافسية المحلية.
تقرير خاص: تأمين مستقبل أستراليا في مجال الذكاء الاصطناعي
مع تزايد انتشار الذكاء الاصطناعي، تظهر مبادرة جديدة في المشهد الأسترالي من خلال مشروع “سوفيرين أستراليا إيه آي” (Sovereign Australia AI). تهدف هذه الشركة إلى بناء نماذج لغة واسعة النطاق تُدرَّب على بيانات تم جمعها بشكل أخلاقي، وتؤكد أنها لا تحتاج إلى مليارات الدولارات لتحقيق أول مشروع ذكاء اصطناعي سيادي في البلاد.
يقول المؤسسان، خبير الإستراتيجيات في الذكاء الاصطناعي “سايمون كريس” و المسؤول التنفيذي في مجال التكنولوجيا “تروي نيلسون”، إن الهدف ليس مجاراة “وادي السيليكون” (Silicon Valley) بقدر ما هو حماية المرونة الوطنية. في الوقت الحالي، تُستخدم النماذج الأجنبية بشكل واسع في المستشفيات و المدارس و البنوك و مكاتب المحاماة في أستراليا، و لكن الأستراليين يفتقرون إلى الشفافية بشأن البيانات التي تُدرَّب عليها هذه النماذج و كيفية التعامل مع المعلومات المحلية بمجرد مغادرتها البلاد.
حماية البيانات و القيم الأسترالية
يؤكد “كريس” أن هذا المشروع يتعلق بالمرونة الوطنية، و قال: “إذا اعتمدنا بشكل كامل على الآخرين، فإننا نُسَلِّم أسس اقتصادنا و تعليمنا و حتى خطط دفاعنا لجهات خارجية. الذكاء الاصطناعي السيادي سيضمن للأستراليين خيارًا شفافًا و موثوقًا به يتوافق مع قوانيننا و قيمنا”.
إن الدافع وراء إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي محلي هو مزيج من المخاطر و الفرص. مع تسارع وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، تواجه الشركات ضغوطًا متزايدة لضمان أن الأدوات التي تستخدمها موثوقة، و متوافقة مع القوانين، و مصممة خصيصًا لتناسب السياق الأسترالي.
من خلال استضافة بنيتها التحتية محليًا و جعل مصدر بيانات التدريب شفافًا، تأمل شركة “سوفيرين أستراليا إيه آي” أن تمنح المؤسسات الثقة بأن ملكيتها الفكرية و معلومات عملائها و استراتيجياتها التجارية ستبقى ضمن نطاق الولاية القضائية الأسترالية.
استثمار في البنية التحتية الوطنية
تُقَدِّر الشركة أن نموذجها السيادي و التنافسي يمكن بناؤه بأقل من 100 مليون دولار، و هو مبلغ أقل بكثير من المليارات التي يجمعها اللاعبون العالميون. سيُمَوِّل هذا المبلغ تطوير نموذجي “أستراليس” و “جينان”، و اللذين سيتم استضافتهما محليًا لضمان الامتثال للمعايير الأسترالية.
بالنسبة لقطاعات مثل الرعاية الصحية و التمويل، حيث أمن البيانات أمر بالغ الأهمية، يمكن أن يكون هذا الضمان حاسمًا لإطلاق المزيد من المكاسب الإنتاجية. أما بالنسبة للمؤسسات العامة، بما في ذلك المدارس و الجامعات، فإنه يوفر مسارًا لتبني الذكاء الاصطناعي بثقة في أن المحتوى الذي يتم إنشاؤه يتوافق مع معايير المجتمع و قوانين حقوق الطبع و النشر.
التعويض و بناء الثقة
إذا تم تحقيق المشروع بالكامل، فإن إنشاء سوق ذكاء اصطناعي محلي مع وجود نماذج متعددة للاختيار من بينها يمكن أن يحفز الاستثمار في البنية التحتية في أستراليا، و من المتوقع أن تشهد مجالات مثل الاستضافة و إمدادات الطاقة و نقلها طلبًا أكبر، تمامًا كما حدث في الولايات المتحدة.
التزمت شركة “سوفيرين أستراليا إيه آي” بتخصيص 10 ملايين دولار لتعويض مالكي حقوق الطبع و النشر، و ستعمل مع المؤسسات الإخبارية و المؤلفين و أصحاب الحقوق الآخرين لترخيص المواد. و وصف “نيلسون” هذا الأمر بأنه “الخطوة الأولى نحو بناء الثقة”، و قال إن الشركة ستقوم بتسجيل مصدر كل مجموعة بيانات تحصل عليها.
مشروع وطني، ليس مشروعًا شخصيًا
انضمت الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة “مينتر إليسون” (MinterEllison)، “أنيت كيميت”، إلى المشروع كرئيسة للمجلس الإداري، كما وقعت شركة “سوفيرين أستراليا إيه آي” اتفاقية مع الجمعية الأسترالية للحاسوب (Australian Computer Society) لتقديم قدرات ذكاء اصطناعي مصممة خصيصًا لقطاع تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات.
بينما يجادل المتشككون بأن أستراليا لا يمكنها مجاراة المليارات التي يستثمرها اللاعبون الأمريكيون، يصر مؤسسو الشركة على أن الحجم ليس هو النقطة الأساسية. و قال “كريس”: “بناء الذكاء الاصطناعي السيادي ليس مشروعًا شخصيًا. إنه بنية تحتية وطنية. إذا تم تنفيذه بشكل صحيح، فإنه سيحمي بياناتنا، و يعكس قيمنا، و يكسب الثقة الضرورية لتبنيه”.

