أقرت أستراليا قانونًا رائدًا على مستوى العالم يهدف إلى حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون سن 16 عامًا. هذا القرار التاريخي، الذي قد يُخلّد في ذاكرة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، لم يكن وليد صدفة بل جاء نتيجة لحملة قوية قادها مجموعة من الآباء الذين فقدوا أطفالهم بسبب مشاكل الصحة العقلية المرتبطة بالإفراط في استخدام المنصات الرقمية.
في البداية، كان ألبانيز مترددًا، خوفًا من أن يُنظر إليه كمن يتدخل في شؤون تربية الأبناء. لكن لقاءً مؤثرًا مع الآباء الذين تحدثوا عن مآسيهم الشخصية، غيّر قناعته بالكامل وحوّل القضية إلى مسألة أخلاقية بالنسبة له. ومن هذا المنطلق، قرر المضي قدمًا في التشريع.
تولّت وزيرة الاتصالات الشابة أنيكا ويلز مهمة قيادة هذا الإصلاح، وأظهرت حماسًا كبيرًا في مواجهة عمالقة التكنولوجيا. فقد تحدّت صراحةً الشركات الكبرى مثل يوتيوب التي حاولت في البداية تجنب الحظر، مما دفعها للتهديد باتخاذ إجراءات قانونية. ومع ذلك، تؤكد ويلز أن الحكومة عازمة على المضي قدمًا، مستندةً إلى قناعتها بأن حماية الأطفال تأتي في المقام الأول.
ينص القانون، الذي سيدخل حيز التنفيذ في 10 ديسمبر/كانون الأول، على فرض غرامات تصل إلى 49.5 مليون دولار على أي منصة لا تلتزم بتطبيق الحظر. وقد عملت مفوضة السلامة الإلكترونية جولي إنمان جرانت على وضع الجوانب الفنية للقانون، موضحةً أن المسؤولية تقع على عاتق الشركات نفسها في التحقق من أعمار المستخدمين. وتؤكد إنمان جرانت أن هذه الشركات لديها بالفعل الأدوات اللازمة للقيام بذلك، مستشهدةً بتصريحات أحد المديرين التنفيذيين في تيك توك الذي أكد قدرتهم على تحديد عمر الطفل في ثوانٍ.
يثير هذا القانون جدلاً واسعًا. فمن جهة، يأمل المدافعون عنه أن يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في حالات إيذاء النفس ومشاكل الصحة العقلية لدى المراهقين. ومن جهة أخرى، يرى بعض النقاد أنه قد يكون متسرعًا، وأنه قد يدفع المراهقين إلى البحث عن منصات أقل أمانًا أو طرق للتحايل على القوانين. ومع ذلك، تبقى رسالة الحكومة واضحة: الهدف ليس الكمال، بل إحداث فرق حقيقي وذي معنى.
يُظهر هذا التشريع أن كانبرا أصبحت الآن أكثر قوة في التعامل مع عمالقة التكنولوجيا العالميين، وقد يُلهم دولاً أخرى لتبني إجراءات مماثلة لحماية شبابها في العصر الرقمي.

