بات ملحّاً التساؤل عمّا فعلته وتفعله حماس بغزة وفلسطين ولبنان والعالم العربي ويزداد السؤال إلحاحاً مع مرور الوقت والتضحية بغزة وأهلها.
كثيرون سينزعجون من هذا الكلام مع استمرارهم في تغليب العاطفة على العقل.
فمنذ السابع من اكتوبر تشرين الأول 2023، يتسارع مسلسل الهزائم في الجغرافيا وفي الديموغرافيا وفي الأرواح البشرية ، وكأن غزة تزحل من مكانها؟.
كأن الذين اطلقوا “طوفان الأقصى”، ظنّوا أنه مع مغيب ذلك النهار ستنتهي اسطورة اسرائيل؟.
مرّت الأيام وطارت بيت ياحون، ولم تلحظ حماس التقدم الإسرائيلي. وطارت جباليا ودير البلح ومخيم الشاطئ ومخيمي البريج والمغازي ، كما طارت خان يونس والنصيرات ولم تدرك حماس أن شيئاً تغيّر. قتل اسماعيل هنية و يحيى السنوار ولم تتزحزح حماس ، سقطت مدينة غزة وأطاحت اسرائيل بمعبر رفح ولا تزال حماس تعيش زمن ما قبل 7 اكتوبر.لاحقت تل أبيب قادة الحركة بين بيروت ودمشق وطهران والدوحة وقضت على حكومة الحوثي برئيسها ووزرائها في اليمن؟!. في المحصّلة ، لم تجرِ رياح عملية اكتوبر كما نشتهي سفن حماس!!.
يا جماعة، القصة ما عادت قصة شقيق وعدو، القصة ما عادت فانتازيا مفاوضات ، نعم اسرائيل مغتصبة وعدوّة وقاتلة أبرياء، لكن الوضع يحتاج الى من يهزّ كتف حماس ومن يوقطها ويقول لها أن من تبقّى من عناصرها سيبقى ناطوراً لمفاتيح بيوت مدمرة، فالناس رحلوا والأبراج سُوّيت بالأرض والمستشفيات والمدارس والمستوصفات أصبحت أثراً بعد عين.
للأسف، المشهد يشي وكأن حماس تعيش في عالم الغيب، فهي تظن أنها تدافع عن شعب في وقت تمعن في مضاعفة مأساته.
من يسأل حماس إذا كانت تعلم أن معالم القطاع لم تعد على الخريطة.
هل من يسأل حماس لماذا ترفض تسليم سلاحها في مخيمات لبنان اسوة بحركة فتح؟
هل تدرك حماس أن ما حلّ بلبنان كان بسبب حرب إسنادها؟
ومن يقول لحماس : حافظي على ما تبقى من القطاع بدل تقديم الذرائع لإسرائيل لمحوه عن وجه الأرض.
أيهما أفضل: أن تبقى حماس في القطاع، أم أن يبقى القطاع أرضاً فلسطينية؟.
هل تدرك حماس ان اسرائيل سهّلت استئثارها بقطاع غزة لقطع صلة الرحم مع سلطة رام الله؟.
هل تدرك حماس أنه منذ اندلاع الحرب، صدّقت إسرائيل على أكبر عملية مصادرة أراضٍ في الضفة الغربية منذ اتفاق أوسلو. ووفقاً لمنظمة «السلام الآن»، هُجّر أكثر من 60 تجمعاً فلسطينياً بين 2022 و2025، ليستولي المستوطنون على ما يزيد على 14 في المائة من الضفة، أي أكثر من 780 كيلومتراً مربعاً. ويقيم هؤلاء بؤراً استيطانية بتمويل حكومي وغيره بملايين الدولارات .
يقول ليو تولستوي في رواية “الحرب والسلم: “التاريخ لا يكتبه الأبطال، بل ملايين البشر الذين يعيشون ويموتون دون أن تُسجَّل أسماؤهم”.
وتاريخ غزة اليوم لا يكتبه الحماسيون ، بل ال 65 ألف قتيل أشلاء أطفالها!.
أخشى وأنا أنتهي من كتابة هذه الكلمة ألّا يعود هناك لزوم لإيقاظ حماس؟… وعذراً من الراديكاليين العرب؟!.

