تعمل شركة “إتش 2 إي إكس” (H2EX) الناشئة، ومقرها مدينة بيرث، على تحويل الهيدروجين الأبيض (الذهبي) إلى فرصة للطاقة النظيفة.

في عالم الهيدروجين، كل لون يروي قصة: الهيدروجين الرمادي من الوقود الأحفوري، والأزرق من الغاز الطبيعي، والأخضر من مصادر الطاقة المتجددة. لكن الأكثر إثارة للاهتمام هو الهيدروجين الأبيض (أو الذهبي)، الذي يوجد بشكل طبيعي في أعماق الأرض من خلال عمليات جيولوجية.

تحت حقول القمح في شبه جزيرة آير بجنوب أستراليا، هناك احتمال لتولد الهيدروجين بشكل طبيعي تحت الأرض، كجزء من نظام جيولوجي مستقل عن الهيدروجين المُنتَج في المصانع.

عندما يُستخدم الهيدروجين لإنتاج الحرارة أو يُحوَّل إلى كهرباء في خلايا الوقود، لا توجد انبعاثات كربونية. يمكن استخدام الهيدروجين المتجدد كمادة كيميائية مُخفِّضة ومصدر للحرارة لتقليل استخدام الفحم في مصانع الحديد والصلب، واستبدال مواقد الغاز الطبيعي في الصناعات الثقيلة، وتشغيل المركبات الثقيلة.

من صور الأقمار الصناعية إلى الممرات الواعدة

لأن الهيدروجين عديم اللون وأخف من الهواء ومعرض للتسرب، فإن الخبرة العالمية في استكشافه محدودة، والبحث عن الأماكن التي يتراكم فيها لا يزال في بداياته.

في عام 2022، حصل المؤسسان المشاركان غريشن بريكر ومارك حنا على رخصة استكشاف البترول (PEL 691)، وهي قطعة من الأراضي الأسترالية تبلغ مساحتها 5,991 كيلومترًا مربعًا (ما يعادل مساحة بالي تقريبًا).

أدركت شركة H2EX أنها بحاجة إلى علم مبتكر وطرق فعالة من حيث التكلفة لتوجيه بحثها. وبعد متابعة بحث منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية (CSIRO) حول الهيدروجين الطبيعي، لجأت الشركة إلى برنامج “Kick-Start” التابع للمنظمة.

يقدم هذا البرنامج ما يصل إلى 50,000 دولار كتمويل لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى مرافق وخبرات CSIRO. في مشروعهم الأول عام 2022، استخدم فريق H2EX صور الأقمار الصناعية الحرارية، والبيانات الجيوفيزيائية للجاذبية والمغناطيسية، وسجلات الآبار التاريخية، وخرائط الجيولوجيا الإقليمية لتحديد الأماكن التي قد يتسرب فيها الهيدروجين إلى السطح.

وكانت النتيجة أول خريطة متكاملة لآفاق الهيدروجين في شبه جزيرة آير، حيث أبرزت “ممرات” ضيقة يُتوقع فيها أن يتسرب غاز الهيدروجين إلى السطح عبر الصدوع القديمة.

شمّ الهيدروجين في التربة

في عام 2023، قامت H2EX بمشروع “Kick-Start” ثانٍ، حيث أخذت البحث إلى الميدان. بالتعاون مع الدكتورة إيما فريري من CSIRO، استخدموا أجهزة كشف محمولة لمسح غاز التربة عبر منطقة الترخيص. وأكدت النتائج وجود الهيدروجين في المناطق المتوقعة.

تقول غريشن بريكر، المدير المالي لـ H2EX: “المكان الذي افترضنا أن الهيدروجين يتولد فيه تحت السطح هو المكان الذي وجدنا فيه الهيدروجين في التربة… هذا أثبت صحة أداة الفحص الجديدة لدينا وأعطانا الثقة للانتقال إلى المرحلة التالية”.

في الوقت نفسه، انضمت غريشن إلى برنامج “Innovate to Grow” التابع لـ CSIRO، والذي ساعدها على تطوير نماذج أعمال قوية ومقترحات جاهزة للاستثمار.

التوسع مع تقنيات استشعار حديثة

في عام 2023، أصبحت H2EX أول شركة متخصصة في الهيدروجين الطبيعي تفوز بمنحة “Cooperative Research Centres Projects (CRC-P)” بقيمة تزيد عن 860,000 دولار.

مولت المنحة تحليلاً أعمق للتاريخ الجيولوجي للمنطقة. كشف فحص CSIRO لعينات حفر تاريخية عن وجود هيدروجين محبوس تحت السطح في منطقة ترخيص H2EX، وهو أول اكتشاف من نوعه في شبه جزيرة آير، ويعد تأكيدًا حاسمًا لنموذج استكشافهم.

لتحسين أهداف الحفر، استخدمت H2EX تقنية “Fleet Space Technologies” لنشر أجهزة استشعار زلزالية متصلة بالأقمار الصناعية “تستمع” لاهتزازات القشرة الأرضية.

العلم العميق لتقليل مخاطر الحفر

في عام 2024، تعاونت H2EX مع CSIRO وجامعة غرب أستراليا (UWA) من خلال برنامج “CSIRO Industry PhD (iPhD)”. سيعمل مشروع الدكتوراه هذا على تصميم نماذج لأنماط تراكم الهيدروجين والهيليوم في المنطقة، مما يساعد على تقليل المخاطر الجيولوجية قبل بدء الحفر.

تهدف H2EX إلى بدء الحفر الاستكشافي في عام 2026، وتقترب من إثبات أن الهيدروجين الذي يُستَخرَج من مصادر طبيعية يمكنه تشغيل الصناعات المحلية بتكلفة أقل بنسبة 75% من البدائل المصنعة، مع تحقيق انبعاثات منخفضة جدًا تلبي الأهداف المناخية.

رحلة H2EX من فكرة ناشئة إلى برنامج حفر توضح كيف يمكن للشراكات البحثية المستمرة أن تحول العلم النظري إلى عمل تجاري ناجح. من خلال الاستفادة من ثلاثة برامج مختلفة تابعة لـ CSIRO على مدار ثلاث سنوات، بنت الشركة القدرة الفنية والثقة التجارية.