في الواقع، هناك حجة قوية يمكن تقديمها بأن علاقات أستراليا مع دول المنطقة لم تكن أفضل من أي وقت مضى.

يُثير أحدث مقال لـ “هيو وايت” في النقاش الاستراتيجي الأسترالي، بعنوان “عالم جديد صعب: مستقبلنا ما بعد أمريكا”، سلسلة من الأسئلة العميقة حول العالم المليء بالتحديات الذي تواجهه أستراليا.

إحدى نقاط حجة وايت التي تستحق النقاش هي ما إذا كان محقًا في أن أستراليا لا تستطيع بناء العلاقات التي تحتاجها لمستقبل ما بعد أمريكا، لأنها تنظر إلى علاقاتها الإقليمية على أنها “منافسة صفرية بين أمريكا والصين على الهيمنة الإقليمية”.

لقد وافقتُ سابقًا على هذا إلى حدٍ ما، حيث جادلتُ بأن الاختلاف الاستراتيجي في النظرة الجيوسياسية للعالم هو أكبر تحدٍ لأستراليا في جنوب شرق آسيا. لقد أشرتُ أنا و”رحمان يعقوب” أيضًا إلى أن اتفاقية التعاون الدفاعي بين أستراليا وإندونيسيا يجب ألا تُقرأ على أنها تبشير بأولويات مشتركة حول قضايا الأمن الإقليمي.

ولكن في مراسلتي حول مقال وايت الأخير، الذي نُشر الشهر الماضي، جادلتُ بأنه متشائم جدًا بشأن حالة علاقات أستراليا، ليس فقط مع جنوب شرق آسيا، بل مع مجموعة من القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك الهند واليابان. كما أنه يقلل من شأن التقدم الذي أحرزته أستراليا في إقامة أشكال جديدة من التعاون في منطقة المحيط الهادئ. في الواقع، على مستوى العلاقات بين الحكومات، هناك حجة قوية يمكن تقديمها بأن علاقات أستراليا مع دول المنطقة لم تكن أفضل من أي وقت مضى. بالتأكيد، تتميز هذه العلاقات بأزمات ومشاكل أقل. في حالة إندونيسيا، مرّ الآن عشر سنوات على آخر أزمة كبيرة.

ما الذي يفسر هذه الظاهرة؟ هل هي دبلوماسية ذكية ومركزة؟ ربما جزئيًا، لكن التفسير يجب أن يكون أعمق. فمثلما تواجه أستراليا آفاقًا أكثر غموضًا في علاقاتها مع القوى الكبرى، فإن الدول في جميع أنحاء آسيا تسعى أيضًا إلى تنويع علاقاتها. لا يرقى هذا إلى مستوى الموازنة الجماعية ضد الصين، ولكنه قد يشير إلى أن أستراليا ليست معزولة أو غير مستعدة لمستقبل متعدد الأقطاب كما يقترح وايت.