«دفنوا أحياءً تحت الأنقاض، لم ينجُ منهم إلا شخص واحد»، بهذه الكلمات لخص المتحدث باسم حركة جيش «تحرير السودان» محمد عبد الرحمن الناير مأساة قرية ترسين الواقعة في وسط جبل مرة في إقليم دارفور، غرب السودان، والتي شهدت انزلاقاً أرضياً مروّعاً، أدى إلى مصرع ما لا يقل عن 1000 شخص من سكان القرية، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي تضرب السودان في تاريخه الحديث.

نداءات استغاثة

وأطلقت كل من حركة تحرير السودان والمنسقية العامة للنازحين واللاجئين، نداءات استغاثة عاجلة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والضمير الإنساني العالمي، للمساعدة في انتشال الجثامين من تحت الأنقاض، حيث لا تزال القرية مطمورة تحت الصخور والطين، وسط غيابٍ شبه كامل لأي دعم حكومي أو دولي ملموس حتى الآن.
وقال رئيس حركة وجيش تحرير السودان عبد الواحد النور: « في كارثة بلدة ترسين في جبل مرة قتل 1000 شخص» مضيفا: «هناك توقعات بحدوث كوارث مماثلة في قرى مجاورة ما يتطلب وضع خطة لإجلاء السكان وتوفير سكن مناسب».

اندثرت بالكامل

وفي وقت متأخر من ليل الإثنين، أعلنت الحركة أن قرية ترسين «انهارت كلياً وسويت بالأرض»، نتيجة انزلاق أرضي مدمر نجم عن الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة في الأسبوع الأخير من أغسطس/ آب الماضي.
وأوضح الناير أن جميع سكان القرية قُتلوا تحت أنقاض منازلهم، ولم ينجُ منهم سوى شخص واحد.
وأضاف أن حركة التحرير، عبر سلطتها المدنية، تحركت فور وقوع الكارثة، لكن الطرق الوعرة، وانعدام وسائل الاتصال، وغياب الآليات الثقيلة، كلها عوامل حالت دون الوصول السريع إلى الموقع أو تنفيذ عمليات إنقاذ فعالة.
«وزاد: نحتاج إلى آليات ثقيلة وانتشال الجثث تحت أنقاض الصخور الضخمة. هناك خطر دائم بانزلاقات جديدة، ولا توجد أي مساعدة خارجية حتى الآن».
وعبرت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في دارفور عن حزنها العميق تجاه هذه الفاجعة، مؤكدة أن المعلومات الأولية تشير إلى مصرع أكثر من 1000 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، ودفنهم أحياءً تحت الركام.

مقبرة جماعية بلا شواهد

الحادثة، التي وقعت مساء الأحد، حولت قرية ترسين إلى مقبرة جماعية بلا شواهد. ولم تقتصر آثارها على فقدان الأرواح فحسب، بل دمرت البنية التحتية البسيطة التي كانت تعتمد عليها القرية، والمتمثلة في مساكن طينية وزراعة تقليدية.
وأشار شهود عيان من المناطق المجاورة، إلى أن الانهيار الأرضي جاء بشكل مفاجئ وسريع، ولم يترك أي فرصة للهروب أو النجاة، وهو ما أكده بقاء شخص واحد فقط على قيد الحياة من بين سكان القرية.
وأصدر رئيس وأعضاء مجلس السيادة السوداني بيانًا نعى فيه ضحايا الكارثة، وتقدم بالتعازي لأسرهم، مؤكدًا التزام المجلس بـ«تسخير كل الإمكانيات الممكنة» لتقديم الدعم للمتضررين.
كذلك نعى رئيس الوزراء كامل إدريس، ضحايا كارثة الانزلاق الأرضي، وأكد «اهتمام الحكومة ومتابعتها وسعيها لتقديم كل ما يمكن تقديمه من الدعم والإغاثة لمساعدة المتضررين جراء هذه الكارثة الأليمة».
وناشد «كل منظمات العون الإنساني الوقوف وتقديم كل ما يمكن تقديمه بصورة عاجلة»، وفق وكالة الأنباء السودانية «سونا».

«تفوق حدود الإقليم»

حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، وصف الكارثة بأنها «مأساة إنسانية تفوق حدود الإقليم»، مشيراً إلى أن إمكانيات السكان المحليين لا تمكنهم من التعامل مع مثل هذه الكوارث.
ودعا المنظمات الدولية والإنسانية إلى التدخل العاجل، مطالبًا بتوفير الدعم اللوجستي والإنساني لإنقاذ من يمكن إنقاذه، وانتشال الجثث ودفنها بكرامة.
في حين حثّ الاتحاد الأفريقي الأطراف السودانية على «إسكات الأسلحة» والسماح بإيصال المساعدات إلى ضحايا الانزلاق.