التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والهند ليس مجرد قضية ثنائية، بل يمتد تأثيره ليشكل تحديًا جديدًا للعلاقات الأسترالية الهندية. على الرغم من أن العلاقات القوية بين واشنطن ونيودلهي ليست شرطًا أساسيًا لتقوية العلاقات بين كانبيرا ونيودلهي، إلا أن التعاون الأمريكي الهندي كان دائمًا حافزًا غير مباشر لتقارب أستراليا من الهند. فهل يمكن أن تتغير الأمور الآن؟

تأثير التغير الأمريكي على الرباعية

لقد كانت أستراليا تنظر إلى الهند على أنها شريك أساسي في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد، خاصة في إطار التحالف الرباعي (الولايات المتحدة، الهند، أستراليا، اليابان). هذا التحالف كان يهدف إلى تحقيق التوازن الاستراتيجي في المنطقة، وهو ما كان يخدم مصالح كل من أستراليا والهند. لكن الآن، يطرح سؤال جوهري: هل لا يزال هذا التحالف على المسار الصحيح؟

إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لديه غريزة أحادية الجانب في التعامل مع السياسة الخارجية، على عكس النهج الجماعي الذي يقوم عليه التحالف الرباعي. إضافة إلى ذلك، يبدو أن رؤية ترامب للعالم ترتكز بشكل أكبر على الجانب الاقتصادي، بينما يركز التحالف الرباعي على الجغرافيا السياسية. كل هذا يثير الشكوك حول مستقبل هذا التحالف، خاصة مع عدم وضوح رؤية ترامب الأوسع تجاه الصين.

مستقبل العلاقات الأسترالية الهندية

في حال تغيرت السياسة الأمريكية تجاه الصين، فإن أستراليا والهند ستكونان بحاجة لإعادة تقييم علاقاتهما الاستراتيجية. هناك سيناريوهان محتملان:

  • السيناريو الأول (أقل ترجيحًا): قد يدفع هذا التحول الهند نحو مزيد من الاستقلال الاستراتيجي، وهو ما قد يقلل من أهمية علاقاتها مع أستراليا.
  • السيناريو الثاني (الأكثر ترجيحًا): يمكن أن تقرر كل من أستراليا والهند أن التغير في السياسة الأمريكية يتطلب تعميق علاقاتهما لتعويض هذا الفراغ. وهذا السيناريو هو الأقرب للواقع، خاصة وأن كلا البلدين قد أدركا بالفعل قيمة الشراكة العميقة بينهما.

الشراكة الاقتصادية: تحديات وفرص

على الصعيد الاقتصادي، تؤثر التوترات العالمية أيضًا على العلاقات بين البلدين. الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب قد تبطئ نمو التجارة العالمية، مما يؤثر على اقتصاد كل من أستراليا والهند. ومع ذلك، هناك فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية.

بدأت الهند في إعادة النظر في سياستها المتعلقة بالوصول إلى الأسواق، وهو ما قد يجعل التوصل إلى اتفاقية التعاون الاقتصادي الشامل أكثر واقعية. ولكن يجب على أستراليا أن تكون حذرة من أي اتفاقية تجارة حرة محتملة بين الهند والولايات المتحدة، والتي قد تؤثر على وصول صادراتها، خاصة في القطاع الزراعي، إلى السوق الهندية.

في نهاية المطاف، قد يجد كل من أستراليا والهند نفسيهما على مفترق طرق استراتيجي، يتطلب إعادة النظر في تحالفاتهما والبحث عن طرق جديدة لتعزيز شراكتهما في عالم متغير.