تلقت الحكومة الأسترالية انتقادات حادة في مايو الماضي بعد أن أظهرت البيانات ارتفاعًا طفيفًا في انبعاثات الغازات الدفيئة لعام 2024، رغم تعهداتها باتخاذ إجراءات جادة. لكن أحدث البيانات ربع السنوية الصادرة عن وزارة المناخ حتى شهر مارس تشير إلى أن الوضع قد تغير، حيث انخفضت انبعاثات البلاد بنسبة 1.4%، أي ما يعادل 6.5 مليون طن، لتصل إلى 440.2 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
ويُعتبر هذا الانخفاض بنسبة 28% مقارنة بمستويات عام 2005، ولكنه ليس كافيًا لتحقيق هدف الحكومة الأسترالية لعام 2030، والذي يهدف إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43%. للوصول إلى هذا الهدف، تحتاج أستراليا إلى خفض انبعاثاتها بمعدل 15 مليون طن سنويًا.
أداء القطاعات المختلفة:
- قطاع الكهرباء: يمثل أكبر مصدر للانبعاثات في أستراليا (حوالي ثلث الإجمالي). رغم انخفاض الانبعاثات في هذا القطاع بنسبة 23.8% منذ عام 2005 بفضل مصادر الطاقة المتجددة، إلا أن الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة الكبيرة قد تباطأ. تعتمد الحكومة على تسريع هذا الانخفاض لتحقيق هدفها المتمثل في الحصول على 82% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030. تشير البيانات الأولية لشهر يونيو إلى تفاؤل، حيث انخفضت انبعاثات الكهرباء بنسبة 3.2%.
- الصناعة والزراعة: سجلت هذه القطاعات أيضًا انخفاضًا في الانبعاثات. حيث انخفضت الانبعاثات من الطاقة الثابتة (التصنيع، التعدين، المباني) بنسبة 2.7%، بينما تراجعت الانبعاثات المتسربة من عمليات استخراج الوقود بنسبة 2.2%. أما الانبعاثات الناتجة عن العمليات الصناعية فقد انخفضت بنسبة 4.7%، كما انخفضت انبعاثات القطاع الزراعي بنسبة 1.3% بسبب قلة أعداد المواشي.
- قطاع النقل: لا يزال هذا القطاع يمثل تحديًا، حيث استمرت انبعاثاته في الارتفاع بنسبة 0.5%، مما يواصل اتجاهًا طويل الأمد لم ينقطع إلا لفترة وجيزة خلال جائحة كورونا. يُعد النقل ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في أستراليا، وقد ارتفعت انبعاثاته بنسبة 22.4% على مدى العشرين عامًا الماضية، ويُعزى هذا الارتفاع بشكل خاص إلى زيادة استخدام وقود الديزل ووقود الطائرات.
السياسات الحكومية وتحدياتها:
يؤكد وزير تغير المناخ الأسترالي، كريس بوين، أن البيانات الجديدة تُظهر أن سياسات الحكومة بدأت تؤتي ثمارها. وتشمل هذه السياسات مخططًا لضمان الطاقة الكهربائية، وآلية حماية مُجددة تُلزم أكبر المنشآت الملوثة بخفض انبعاثاتها. ورغم أن هذه الآلية تعرضت لانتقادات لكونها غير كافية، فإن الحكومة ترى أنها على المسار الصحيح.
دور الغابات والأراضي:
تعتمد النسبة الأكبر من الانخفاضات المزعومة في الانبعاثات منذ عام 2005 على تقديرات امتصاص الغابات والأراضي لثاني أكسيد الكربون. يشكك النقاد في دقة هذه القياسات ويطالبون بفصلها عن انبعاثات القطاعات الأخرى، حيث إنها لا تعطي صورة حقيقية عما يحدث في استهلاك الوقود الأحفوري. وباستثناء هذا العامل، يتبين أن الانبعاثات الحالية أقل بنسبة 3.7% فقط مقارنة بعام 2005.

