تشهد المملكة المتحدة توتراً مستمراً بشأن استخدام الفنادق لإيواء طالبي اللجوء، وتتخلل عطلة نهاية الأسبوع احتجاجات في عدة مدن بريطانية. في خضم هذه الاحتجاجات، كشف نايجل فاريج، أحد قادة حملة “بريكست” السابقة، عن خطط لـ”ترحيل جماعي” لطالبي اللجوء الذين وصلوا عبر القوارب إذا أصبح رئيس الوزراء القادم لبريطانيا.

في مقابلة مع صحيفة “ذا تايمز”، قال فاريج إنه سينسحب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وسيوقع اتفاقيات مع دول مثل أفغانستان، إريتريا وغيرها من البلدان التي يأتي منها معظم المهاجرين، وذلك لإعادة طالبي اللجوء إلى أوطانهم. وصرح فاريج قائلاً: “إما أن نكون لطيفين مع الناس والبلدان الأخرى، أو أن نكون حازمين للغاية… وقد أثبت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه النقطة بشكل شامل”. وعندما سُئل عما إذا كان قلقًا من تعرض طالبي اللجوء للقتل أو التعذيب عند إعادتهم إلى بلدان ذات سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان، أجاب فاريج بأنه قلق أكثر بشأن التهديد الذي يعتقد أن طالبي اللجوء يمثلونه للبريطانيين. وقال: “لا يمكنني أن أكون مسؤولاً عن الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم. لكن يمكنني أن أكون مسؤولاً عن سلامة النساء والفتيات في شوارعنا”.

خطة فاريج تعكس سياسة “أوقفوا القوارب” الأسترالية

قال فاريج إنه سيلغي حق طلب اللجوء أو الطعن في قرارات الترحيل لمن يصلون في قوارب صغيرة، وذلك باستبدال التشريعات الحالية لحقوق الإنسان وانسحاب بريطانيا من معاهدات اللاجئين، مستشهدًا بحالة طوارئ وطنية. وأضاف فاريج أن الهدف من هذا التشريع هو “الترحيل الجماعي”، وأن “الأزمة الضخمة” التي يسببها طالبو اللجوء تغذي الغضب الشعبي.

وذكرت صحيفة “ذا تايمز” أن فاريج يسعى لإنشاء مراكز احتجاز تتسع لـ24,000 طالب لجوء في قواعد جوية، بتكلفة تقدر بـ2.5 مليار جنيه إسترليني (5.22 مليار دولار)، وتشغيل خمس رحلات طيران يوميًا لترحيل مئات الآلاف من الأشخاص. وإذا فشلت هذه الخطة، فقد يتم احتجاز طالبي اللجوء في جزيرة أسينشين، وهي إقليم بريطاني في جنوب المحيط الأطلسي، لإرسال رسالة رمزية.

خطة فاريج هذه تشبه إلى حد كبير نظام معالجة المهاجرين خارج الحدود الذي تتبعه أستراليا، والذي تعرض لانتقادات شديدة من قبل دعاة حقوق الإنسان. فمبادرة “عملية الحدود السيادية” الأسترالية، التي بدأت في عام 2013 بهدف “إيقاف القوارب”، هي عملية أمنية عسكرية تتبع سياسة صارمة “عدم التسامح المطلق” تجاه الوافدين غير الشرعيين عبر البحر. وعادةً ما يتم اعتراض المشتبه بهم في محاولات الوصول بحرًا وإعادتهم، أو وضعهم في مراكز احتجاز خارجية في أماكن مثل جزيرة ناورو وجزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة.

اشتباكات بين المحتجين والشرطة البريطانية

في غضون ذلك، وقعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في عدة مدن بريطانية خلال الاحتجاجات المناهضة لاستخدام الفنادق كمساكن لطالبي اللجوء. نظمت مظاهرات تحت شعار “إلغاء نظام اللجوء” في مدن رئيسية مثل بريستول، إكستر، تاموورث، كانوك، نونيتون، ليفربول، ويكفيلد، نيوكاسل، هورلي، وكناري وارف في وسط لندن. كما شهدت مدن أبردين وبيرث في اسكتلندا، ومولد في ويلز احتجاجات مماثلة.

في بريستول، تدخلت الشرطة على الخيول للفصل بين المجموعات المتنافسة في حديقة القلعة، واشتبك الضباط مع المحتجين. كما جرى اعتقال 11 شخصًا في ليفربول بتهم مختلفة منها السكر في مكان عام، والاعتداء، والشغب، وذلك خلال مظاهرة لحزب استقلال المملكة المتحدة (UKIP) التي قابلتها مظاهرة مضادة.

في هورلي، اصطدم حوالي 200 محتج مناهض للهجرة، يرتدون أعلام القديس جورج وعلم الاتحاد، مع حوالي 50 محتجًا من منظمة “قفوا ضد العنصرية” في طريق بونهرست. وكان المحتجون المناهضون للعنصرية يرددون “قولوها بصوت عالٍ وواضح، اللاجئون مرحب بهم هنا”، في حين تعرضوا لوابل من الإساءات من المجموعة المناهضة للهجرة.

تأتي أحداث يوم السبت وسط توتر مستمر بشأن استخدام الفنادق لطالبي اللجوء. ففي وقت سابق من الأسبوع، منحت المحكمة العليا لمجلس محلي أمرًا قضائيًا مؤقتًا لإخلاء فندق بيل في إبينغ بإسكس من طالبي اللجوء. وكانت احتجاجات منتظمة قد أقيمت خارج الفندق في الأسابيع الأخيرة بعد اتهام طالب لجوء بمحاولة تقبيل فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا، وهو ما ينفيه.

تأخيرات “غير مقبولة” تسبب تراكمًا ضخمًا

وفي سياق متصل، وعدت وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، بتطبيق عملية استئناف سريعة للجوء لتسريع إبعاد الأشخاص الذين لا يحق لهم البقاء في المملكة المتحدة. وقالت إن التأخيرات “غير المقبولة تمامًا” في عملية الاستئناف تجعل طالبي اللجوء المرفوضين يبقون في النظام لسنوات. هناك حوالي 51,000 استئناف لجوء بانتظار البت فيها، وتستغرق في المتوسط أكثر من عام للوصول إلى قرار.

تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن الهجرة واللجوء هما أكبر مخاوف الجمهور، مباشرة بعد الاقتصاد، وأن حزب “ري فورم يو كيه” (Reform UK) الذي فاز بخمسة مقاعد في الانتخابات العامة الأخيرة، يتصدر استطلاعات نوايا التصويت الأخيرة.

في العام الماضي، وصل 37,000 شخص، معظمهم من أفغانستان، سوريا، إيران، فيتنام، وإريتريا، إلى بريطانيا من فرنسا عبر القوارب الصغيرة. وكان هذا العدد أعلى بنسبة 25% مقارنة بعام 2023 وشكّل 9% من صافي الهجرة. وتُظهر الأرقام التي حللتها جامعة أكسفورد أن حوالي ثلثي الأشخاص الذين يصلون عبر القوارب الصغيرة ويطلبون اللجوء يتم قبولهم، بينما لم يتم ترحيل سوى ثلاثة بالمئة فقط.