في ساحات وأزقة بلدة دير الأحمر المارونية القديمة غربي بعلبك، حيث تتداخل أصوات الأجراس مع عبق البخور، انطلقت مسيرة مهيبة إحياءً لعيد انتقال السيدة العذراء مريم، تقدّمها السفير البابوي في لبنان المطران باولو بورجيا، راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر المارونية المطران حنا رحمة، المطران السابق للأبرشية المطران سمعان عطالله، والمونسنيور بول كيروز وعدد من الكهنة والراهبات.
,ودعا السفير بورجيا إلى التمسّك بالأرض والوحدة الوطنية في لبنان، ووجّه رسالة سلام ورجاء من لبنان، مؤكداً ضرورة التمسك بالأرض في ظلّ التحديات الصعبة التي تواجه البلاد.
وأشار بورجيا إلى أن لبنان يمر بمرحلة دقيقة، ناتجة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، ما دفع العديد من المواطنين، وخاصة المسيحيين، إلى الهجرة. وشدد على أن هذه الأرض بحاجة إلى أبنائها، وأبناؤها بحاجة إليها، داعياً الجميع إلى الحفاظ على رابط قوي مع الوطن.
وأوضح بورجيا أن هناك العديد من المبادرات الداعمة للبنان من جهات دولية، منظمات غير حكومية، والانتشار اللبناني في الخارج. وذكر الجهود المبذولة من قبل الكنيسة عبر وكالات متعددة مثل “كاريتاس” و”الإرسالية البابوية”، بالإضافة إلى مبادرات منظمة مالطا في مجالي الزراعة والصحة.
لكنه أكد أن هذه المبادرات، رغم أهميتها، لا تكفي وحدها، وأن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الدولة. وفي هذا السياق، دعا إلى دعم الدولة ومؤسساتها، مشيراً إلى مقولة البابا فرنسيس: “في الأوقات الصعبة، لا ينجو أحد بمفرده”.
واختتم بورجيا بالتأكيد أن الكنيسة، كبقية الطوائف الدينية، ملتزمة بتعزيز العيش المشترك والسلم الأهلي. ودعا إلى تحقيق ذلك من خلال المعرفة والاحترام المتبادل، والعمل معاً من أجل بناء لبنان “الواحد والجامع لكل أبنائه”.
وألقى بورجيا كلمة، نقل فيها تحيات وبركات البابا ليون الرابع عشر، مؤكداً قرب قداسته من لبنان والشرق الأوسط، خاصة في ظل الأوقات العصيبة والصراعات التي تشهدها المنطقة، مشدداً على أن “السلام هو أعظم هبة”، داعياً الجميع إلى الصلاة والعمل من أجله، مؤكداً أن السلام يُبنى من خلال الأفعال اليومية والخيارات الشخصية التي تعزز الأخوّة وتتجاوز الاختلافات. وأشار إلى أن لبنان فسيفساء من التنوّع، وأن وحدته وسلامه هما أساس رسالته.
ووجّه رسالة إلى أهالي دير الأحمر، معبّراً عن فخره بإيمانهم الراسخ، وشكرهم على سخائهم وتضامنهم مع الجميع، مسيحيين ومسلمين، خلال الأشهر الأخيرة من الحرب. وحثهم على عدم مغادرة أرضهم، قائلاً: “أنتم بحاجة إلى هذه الأرض، وهذه الأرض بحاجة إليكم”. ودعاهم إلى التمسك بالأمل والإيمان بقدرة الشعب اللبناني على الصمود.
واختتم كلمته بتقديم البركة الرسولية باسم البابا ليون الرابع عشر، داعياً الجميع إلى الصلاة من أجل قداسة البابا والكنيسة.

