كلّما شاهد اللبنانيون مجموعة من الدراجات النارية على الشاشة، يقولون “الله يستر” وكلما عبرت قربهم مجموعة من دراجات ال”فيسبا” ، يقولون “خير انشالله”.
منذ ثورة 17 تشرين الأول سنة 2017 صارت الدراجات النارية جزءاً من الثقافة السياسية في لبنان؟!. إذ اصبحت الدراجات النارية الممانِعة هي الغالبة على المشهد الأمني ، وهي التي تدل على درجة الغضب أو المزاج السياسي لدى “حزب الله”.
فالإحتجاج على تعيين موظف مثلاُ يحتاج الى ثلاثين دراجة، أما الإحتجاج على قرار وزاري فيحتاج الى أكثر من مئة دراجة كما حصل يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الاسبوع.
فسائقو الدراجات هم يقررون راهناً في قضية حصرا السلاح، وهم يقمعون التحركات “الشرعية” التي لا تعجبهم، كما كانوا يقررون غزو شارع مونو في الأشرفية إذا ضاق خلقهم في الضاحية، وهم يقولون للعماد جوزيف عون: “القرار والشوارع لنا” ساعة يشاؤون؟!.
ففي خلال أحداث السابع من (أيار) 2008، عندما اجتاح “حزب الله” العاصمة عسكرياً واحتل بعض المراكز ، قام عناصر “الحزب”، بتسيير مواكب على دراجات نارية في الأحياء السكنية، مطلقين شعارات استفزازية. وقام بعض عناصر “الحزب” بإطلاق الرصاص الحي في عدد من المناطق في بيروت، والبقاع، ما اضطر الجيش للتدخل لتهدئة الوضع. ولا يقتصر استخدام الدراجات النارية على أعمال الشغب بل على تخويف بقية التيارات السياسية الأخرى..
كانت هانوي هي عاصمة الدراجات النارية في العالم، وتعد الدراجات النارية فيها وسيلة النقل الأكثر استخداما بين سكان العاصمة الفيتنامية البالغ عددهم ثمانية ملايين نسمة. ويقدر عدد الدراجات النارية قرابة 5,2 ملايين دراجة العام الماضي. أي حوالي 66 دراجة لكل مئة شخص. ويتساوى في ذلك كل فئات المجتمع الفيتنامي بعيدا عن السن أو الجنس أو المهنة.
ولكن الأسباب تتعلق بالزحام والتلوث البيئي، وليس أداة للرفض والعنف وترهيب المواطنين. رغم أن هانوي هي عاصمة”الممانعين” في العالم.
.
حتى العام 2022، سجلت مصلحة تسجيل السيارات والآليات اللبنانية نحو 289,000 دراجة نارية، و يقدّر أن العدد الحقيقي للدراجات النارية في لبنان يتجاوز المليون ونصف المليون، واليوم يتم استيراد نحو 50,000 دراجة سنوياً، ما يعزز انتشارها العشوائي.
كان”الموتورسايكل” وسيلة للترفيه وهواية للأغنياء وميسوري الحال، او كان استعماله مثل جَمَل الفقراء الذين وجدوا في الدراجة النارية “الفيسبا” وسيلة نقل يهربون بها من غلاء “البترول” وارتفاع تعريفة “التاكسيات”.
على كل حال ” ما حدا يزعل” فقد صارت دراجات ال” فيسبا” مملوكة من كل الأطراف، وتملأ ساحات التل في طرابلس وساسين في الأشرفية والنجمة في صيدا تحت شعار دراجة مقابل دراجة.. الله يستر.

