استيقظت على صوت تموز مرددا! ساعود اليكم بعد سنة!

فوجدت نفسي معه في حوار ارق من الهديل!

واطول من ذلك الليل الطويل!

لاذكره بمقالة!!!

حدثني الكاهن الذي أعرفه!!

واذا به يسالني! كم من كاهن حدثت بعد سر الاعتراف من سنين! وكم من ليالي الظلمات تتسابق الينا! وكم من الايام والسنين تطوف من حولنا لنغدو منسيين في خضم الطوفان!

فقلت له!!! بالله عليك! لا تذكرني باوجاعنا! الجراحات تعودت على الالم! ها نحن قد تخدرنا! نسير وراء أقدارنا! ومن سنة إلى أخرى! فقط للحظة البصر!!! نتذكرك يا تموز! مع اننا نسينا وتناسينا! ولم نعد نكترث! أن التاريخ يخجل منا!!! حين فقدنا البصيرة!!

ندب فوق هذه الأرض كالعميان!

وإذا بوقفة العز تحولت إلى صنم!

وإن سألت عن رجال المواقف!

فما عليك إلا أن تمر إلى مقبرة!

او تزور بعض المتاحف!

لا بالله عليك لا تفتش عن رجال!

قد تجدنا زاحفين على بطوننا!

امام التنين! عله يظن إننا من بين الزواحف!

وعلى رؤوسنا حذاء مع خلخال!!

وأخطر المأساة!

حين لم نعد نشعر بالخجل!

اين هو هذا الذي سلمنا أعظم مفاهيم الإنسانية!

مرددا الجهل ليس قدر!

والمجتمع معرفة! والمعرفة قوة!

وهبت لكل البشر!!!

تموز لا تذكرني بالله عليك !

جباهنا لم تعد تندى!

وعيوننا لم تعد تدمع!

وجراحاتنا لم تعد تؤلم!

وإن سالتني عن النخب!

اقسم لك بأننا اصبحنا حطباً!

نحىرق! لندفئ أجساد الأوصياء!!

وبالله عليك لا تسالني عن العرب!!!

كمن يجرب إيقاظ المشاعر في الخشب!!

نحن شعب اصيب بالموت الدماغي!

قد نرى ولكن لا نستطيع التعرف إلى ما نرى!

قد نسمع! وليس بمقدورنا أن نفهم!!!!

ارتدينا التوسل وسيلة للعيش!

وإرتضينا التعري من الكرامة في الحياة!!!

تموز!!! هل باستطاعتك أن لا تعود!

اخاف على دموعك الغالية!

اكثر من الخوف على دمائك الطاهرة!!!

هذي التي عمدت تراب هذه الأرض!

وأما روحك فرضت حقيقتها على هذا الوجود!!!

اكمل يا ولدي!!!

يصعب علي أن ابوح لك بكل الكوارث!

وهل تظن يا ولدي إنني تجردت من الرؤيا!

بعد أن جئتكم بالحقائق! وحذرتكم من الآتي!

بعد أن وضعت رهاني على الأجيال الآتية!

وما زلت انتظر!

تموز!! ما زلنا نتقاتل على السماء!

وكل منا يعتز بانتمائه إلى القبيلة! والطائفة أو المذهب!!

وباسم الدين يقتل المصلون في المساجد والكنائس!

ومرتزقة الدين! يوظفون حكاما على البلاد والعباد!

وما اكتفينا تنظيرا!!! بالسيادة والمواطنة! والأخلاق!

هذه القيم التي بقيت أسيرة الخطب والكتب!!!

ونحن أسرى التاريخ الذي لم نقرأ يوما ولم نفهم!

وما في ذاكرتنا من الحشو الاسطوري ما يدهشنا!!!

وأما الحقائق ترعبنا!! حيث لسماعها لا نرغب!!!

تموز!! لقد سبقت زماننا من زمن! وحين بدا السباق!

ارتضينا أن نكون الحصان الرابح في سباق الحمير!!!!

من خوفنا أن نكون الحصان الخاسر في سباق الخيول!!!

ارتضينا زمن الانبطاح!

بعد أن خدعنا بالسلام!

لرمي السلاح!!!

حين كثر المهللون! بكذبة الغرب!

هذا المجرم اللص المنافق!

وكل ما نسمعه نباح بنباح

ولا يحق لنا لا البكاء!

ولا الصياح!!!

قد يندم الالم لوهلة!

وكم صليت للندم!

كي لا تصاب به جراحي!!!

وبعد هذا الليل الطويل!

ركعت مصليا! لانبلاج الصباح!!!

والله قد حيرتني يا ولدي!!!!!! أخبرني!!!!

هل لكم في الحياة مهمة!

نعم التجارة! والسمسرة!

كل ما عندنا للبيع! من تاريخ وجغرافيا! واخلاق وكرامة!! من قيم وعزة وثقافة!!! فقط لشراء رضى من يدوس فوق رقابنا!

سؤالي يا ولدي! كيف تستطيعون التعرف إلى الماضي! وانتم نيام أمام اللحظات!! وما رؤياكم للغد!!! وانتم على فراش الماضي مطروحون بلا وعي! وبلا ضمير!!

يا تموز! عندنا الكثير

ها قد بعنا كل خيرات الأرض! والارض الآن ليست ملكنا!!

اطفالنا منهم من يموت جوعا! ومنهم من يقتل!

وهو رضيع!!

ومذبحة العصر تكابر على مرأى العالم كله!

والمجرم هو الحكم والحاكم العالمي!

وعلينا التطويع والتطبيع!!

وان نطيع!! او التجويع!!!

لا من يرى ولا احد يسمع!

ونساق كالقطيع!

قدرنا أن نذبح! وليس لنا شفيع!!

تموز هل تستطيع أن تسمع أكثر!!

ولدي أهل هناك أي خبر يعطيني بعض الطمأنينة!

اعذرني كدت أن أنسى! من سجن الحرية خرج إلى حرية السجن! مقاوم ابن القضية!!! بعد أكثر من أربعين سنة! حاملا رمح القديس مار جرجس ابن هذه الأرض! مصمما على طعن التنين!!! ولو لمرة! وعنده الايمان! قبل أن تصرع التنين يجب عليك أن تصارعه!!

تيقظ يا ولدي تيقظ! وهل هناك من صدى خبر يعسعس في أرجاء هذه الأرض!

نعم يا تموز! قبل أن تغادرنا ! معك رحل عبقري رحباني إلى جنان الموسيقى! هذا الذي زاد الرحابنة من الفن ما ادهش العالم !! واعطى هذه الأرض المعطاء عطاء!!

زياد اسرع في الرحيل!

وتركنا سكارى في فيلمه الامريكي الطويل!

وماذا بعد يا ولدي!  وانا على موعد مع الوداع!

يا ليتنا نستطيع إستحضار روحك لتكون معنا في هذي الحياة!

ونصلي لمريم!

أن تأتي ولو لمرة مع الناصري!

لان هذه الأرض تحتاج إلى أعجوبة من السماء!!!

من القدس إلى غزة! إلى الجليل!!

إلى قانا ام المعجزات!

ولا بد أن الناصري إشتاق إلى أهله في ارض الشتات!!

تموز لا تنسى أن هذه الأرض ارضك! وسماؤها! لك لتحلق!!

ايها النسر من سماء إلى سماء!

ليعود إلى قمم الجبال التي عشقها!!!

وإذا برصاص الغدر! يصوب إلى صدره! ليحضن رمال الشواطئ التي كانت تبتهج لعودة نسر صنين إليها!

آذار آت! يا تموز!

وسنبقى ما بين الوجود مع الحدود في صراع!!!

السماء بانتظارك يا تموز!!!

ونحن فوق هذه الأرض ضياع!!!

وأما انت علمتنا!!! أن النسور لا تخاف من الضباع!!

هو آب آت! هذا الذي من رحمه ولدوا المقاومين وحماة الوطن! اهل الدفاع!

وكما اوصيتنا !! قد حان الوقت أن يتحول كل مواطن الى غفير!!!

وداعا يا ولدي!!!

وداعا يا تموز! والف سلام لك!!!

وطوبى لشهداء هذه الأرض!

وطوبى لجبروت المقاومين!!

في زمن الاستسلام والانصياع!!!

طوبى لمن آمن بقوة الحق!!

في زمن الخيانة! والخداع!!

وإليك تحية أبناء الحياة! وإلى اللقاء!!!

قبل الوداع!!

 

د علي اليسوعي

31/7/25