مهرجان “غارما” هو أكبر ملتقى ثقافي للسكان الأصليين في أستراليا، ويُقام سنويًا في منطقة “يولنغو” بشمال شرق “أرض أرنهيم”. يجمع المهرجان بين الاحتفالات والفعاليات المجتمعية والحوار الوطني، ويصادف عام 2025 مرور 25 عامًا على انطلاقته، مما يجعله حدثًا مهمًا ومؤثرًا.

يجمع المهرجان بين قادة “يولنغو” وعائلاتهم والمسؤولين الثقافيين وضيوف من جميع أنحاء أستراليا لمدة أربعة أيام من التعلم والاحتفالات والتبادل الثقافي. يُعقد المهرجان في “جولكولا”، وهو موقع احتفالي منعزل في أراضي “غوماتج” بالقرب من “نهولونبوي” في الإقليم الشمالي. يُعد “غارما” أكبر تجمع ثقافي للسكان الأصليين وواحدًا من أهم المنتديات في البلاد التي تناقش شؤونهم. إنه المكان الذي تلتقي فيه التقاليد الثقافية بالحوارات الوطنية الملحة، ويتم فيه رسم ملامح المستقبل من خلال التواصل مع الماضي.

حدث ثقافي عميق الجذور

تستضيف مؤسسة “يوثو يندي” مهرجان “غارما” منذ عام 1999. وقد أُسّس المهرجان للاحتفاء بثقافة “يولنغو” ومشاركتها مع المجتمع الأسترالي الأوسع. ومنذ البداية، قاد شعب “يولنغو” هذا المهرجان، ووضعوا شروطه الخاصة.

قالت دينيس بودين، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “يوثو يندي”، إن “غارما” أُسّس ليس فقط للحفاظ على الممارسات الثقافية لشعب “يولنغو”، ولكن أيضًا لإنشاء منصة وطنية للحوار والقيادة التي تنبع من السلطة الثقافية. وأضافت: “لقد تصور الأخوان يونوبينغو أن يكون “غارما” مكانًا للأعمال الجادة، وموطنًا للمناقشات والنقاشات الرفيعة المستوى، ومنتدى لاختبار السياسات وتقديم أنظمة المعرفة الخاصة بشعب “يولنغو”، فضلاً عن كونه محفزًا للأفكار الجديدة والتفكير المستحدث”.

يعتمد المهرجان على الاحتفالات التقليدية، حيث تُقام يوميًا عروض “بونغول” (الرقص) و”مانيكاي” (الغناء) و”مينيتجي” (الفن) في الهواء الطلق. تُعد رواية القصص، والتعلم بين الأجيال، واستمرارية “خطوط الأغاني” (songlines) أمورًا أساسية في هذا الحدث، مما يوفر تجربة ثقافية غامرة تدعو الضيوف للاستماع والمشاهدة والتعلم.

تصف تانيا دينينغ أورمان، مديرة محتوى السكان الأصليين في شبكة SBS، مهرجان “غارما” بأنه لحظة مهمة في التقويم الوطني وامتياز فريد من نوعه. وقالت: “كل عام، يفتح شعب “يولنغو” أذرعهم وقلوبهم لأكثر من 2500 شخص في جولكولا، ويشرفنا أن نمد هذه الدعوة لجميع الأستراليين من خلال تغطيتنا لهذا الحدث المهم”.

كيف بدأ “غارما”؟

أُقيم أول مهرجان “غارما” في عام 1999 بمبادرة من عائلة “يونوبينغو” ومؤسسة “يوثو يندي”. لقد كان فكرة لحماية المعرفة الثقافية لشعب “يولنغو” والترويج لها في وقت كان يخشى فيه العديد من كبار السن من ضياعها. تم اختيار “جولكولا”، موقع المهرجان، لأهميته الثقافية والاحتفالية، فهو المكان الذي أحضر فيه جد “يولنغو” “غانبولابولا” آلة “ييداكي” (الديدجيريدو، وهي آلة نفخ أسترالية أصلية) إلى حياة شعب “يولنغو”.

لعب الزعيم الراحل الدكتور “غالاروي يونوبينغو”، أحد الأعضاء المؤسسين لمؤسسة “يوثو يندي” وزعيم بارز في مجال حقوق الأراضي، دورًا محوريًا في تأسيس “غارما” كمساحة يمكن أن تتلاقى فيها القوة الثقافية والدفاع السياسي. ولا يزال إرثه يشكّل هذا الحدث.

متى يُقام مهرجان “غارما”؟

يُقام مهرجان “غارما” سنويًا في أوائل شهر أغسطس. وسيمتد حدث عام 2025 من 1 إلى 4 أغسطس في موقع “جولكولا” الذي يطل على خليج كاربنتاريا.

يُعد موقع “جولكولا” مقدسًا لعشيرة “غوماتج” ويحمل أهمية احتفالية وثقافية عميقة. يُقام المهرجان في منطقة “بوشلاند”، حيث يخيّم المشاركون في الموقع ويتبعون البروتوكولات الثقافية خلال الحدث.

لماذا يعتبر عام 2025 عامًا فارقًا؟

يصادف هذا العام الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لمهرجان “غارما”، وهو إنجاز مهم في تطوره من تجمع ثقافي إقليمي إلى حدث يحظى باحترام وطني ويشكل الحوار العام. موضوع عام 2025 هو “قانون الأرض: صامدون”، أو “Rom ga Waŋa Wataŋu” بلغة “يولنغو ماثا”.

قال “جاوا يونوبينغو”، رئيس مؤسسة “يوثو يندي”: “يُقدّر موضوع الذكرى السنوية هذا العام 25 عامًا من الإنجاز والنجاح، وهو لحظة فارقة في حياة حدثنا”.

ستكون قناتا “NITV” و “SBS” الشريكتين الإعلاميتين الرسميتين، حيث ستقدمان تغطية عبر التلفزيون والإذاعة والمنصات الرقمية. وتشمل هذه التغطية أبرز الأحداث اليومية، والبث الخاص، والتقارير الميدانية، مما يسمح للجمهور في جميع أنحاء البلاد بتجربة “غارما” من أي مكان كانوا.

مساحة للحوار والتغيير

في حين أن “غارما” هو أولاً وقبل كل شيء احتفال بالثقافة والأرض، إلا أنه أيضًا منصة محترمة لمناقشة السياسات والقيادة. يجمع المنتدى الرئيسي الذي يُعقد كل عام خلال المهرجان بين قادة مجتمعات السكان الأصليين، وصانعي السياسات، والأكاديميين، والشخصيات المؤسسية لمناقشة قضايا مثل رواية الحقيقة، والمعاهدات، والتعليم، والتنمية الاقتصادية، وحقوق الأراضي.

لعب المهرجان دورًا محوريًا في تضخيم أصوات “يولنغو” والدفاع عن الحلول التي يقودها السكان الأصليون في مجالات مثل الحوكمة، والصحة، والتمكين المجتمعي. غالبًا ما تنتقل المحادثات التي تُجرى في “غارما” إلى دوائر السياسة الوطنية.

قالت دينيس بودين، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “يوثو يندي”: “يواصل “غارما” لعب دور تعليمي مهم حقًا، حيث يساعد الأستراليين على فهم ثقافة “يولنغو” بشكل أفضل، ويضمن أن تظل ممارساتها قوية وتستمر في الانتقال من جيل إلى آخر”.

من يحضر مهرجان “غارما”؟

يجمع “غارما” مجموعة متنوعة من أطياف المجتمع الأسترالي: كبار السن، والشباب، والفنانين، والقادة السياسيين، والصحفيين، والمعلمين، وأفراد الجمهور العام. يأتي البعض من أجل الموسيقى والفن، والبعض الآخر من أجل فرصة المشاركة في حوار هادف. الجميع مدعوون للمشاركة باحترام والتعلم من المضيفين من شعب “يولنغو” ومجتمع “أرض أرنهيم” الأوسع.

على مدار 25 عامًا، نما المهرجان من حيث الحجم والتأثير، لكن هدفه يظل كما هو: الاحتفال بثقافة “يولنغو”، ودعم المعرفة التقليدية، ودعوة الآخرين للمشي جنبًا إلى جنب بروح الاستماع والتعلم.