تتعرض سلاسل الإمداد العالمية للمعادن الحيوية لضغوط كبيرة، ومع تصاعد حدة المنافسة، تقف أستراليا وكندا، وهما من أكبر عمالقة التعدين في العالم، على مفترق طرق. فبدلاً من توحيد جهودهما لمواجهة التحديات العالمية، تتباعد الدولتان، مما يضر بمصالحهما المشتركة ومصالح شركائهما.

إن الوقت قد حان لكي تتحول الدولتان من المنافسة إلى التعاون الاستراتيجي. فمن خلال تشكيل تحالف قوي، يمكن لأستراليا وكندا تعزيز أمن سلاسل الإمداد، ومواجهة الضغوط الجيوسياسية، وزيادة نفوذهما الاقتصادي والسياسي على الساحة الدولية.

لماذا التحالف ضروري؟

  • ثروات طبيعية ومكانة عالمية: تتمتع كل من أستراليا وكندا بموارد جيولوجية هائلة وصناعات تعدين عالمية المستوى. وتسيطر الدولتان معًا على عمليات التنقيب والإنتاج خارج الصين، كما تهيمن أسواق الأسهم لديهما على جمع رؤوس الأموال لتطوير المعادن.
  • منافسة غير مجدية: على الرغم من المصالح المشتركة والالتزامات الرسمية بالتعاون، مثل مبادرة شراكة الأمن المعدني، تتبع الدولتان مسارات مختلفة. فالتصريحات الأخيرة في كانبيرا التي تشير إلى أن التعاون مع أوتاوا “ليس أولوية” تُعدّ قصر نظر وتتعارض مع المصالح الاستراتيجية.
  • التعاون يعزز التنافسية: لا يلغي التعاون المنافسة، بل يعززها. ففي عالم المعادن الحيوية، يُعدّ “التنافس التعاوني” أمرًا ضروريًا. فالهدف ليس المنافسة على حصة السوق فقط، بل بناء الثقة وزيادة حصة الدول الموردة المتوافقة في التفكير، وتعزيز المرونة الاقتصادية في مواجهة الجهات التي تستخدم الضغط.

فجوات يجب سدها

  • قيادة كندا وتراجع أستراليا: تلتزم أستراليا وكندا، على الورق، بالعمل معًا من خلال شبكة من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف. ومع ذلك، بينما قامت كندا بدمج هذه الالتزامات في سياساتها الخارجية، تخلفت أستراليا عن الركب.
  • غياب البيانات والوعي الاستراتيجي: توقفت أستراليا عن تتبع أنشطة شركاتها في الخارج بالتفصيل بين عامي 2002 و2018، مما أدى إلى فقدان السياسيين لأهمية النمو السريع للوجود العالمي لقطاع التعدين الأسترالي. في المقابل، تدرك كندا منذ عقود أهمية أنشطة قطاع التعدين العالمي في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. فوفقًا لبيانات عام 2023، بلغت قيمة الأصول الخارجية للشركات الكندية 220 مليار دولار كندي.
  • المعايير المشتركة فرصة ضائعة: تعد أستراليا وكندا رائدتين عالميًا في ممارسات التعدين المستدامة. وقد تبنى مجلس المعادن الأسترالي إطار عمل “نحو تعدين مستدام” الخاص بجمعية التعدين الكندية، ويعملان على معيار عالمي مشترك جديد. إذا ما تم دعم هذا المعيار من قبل الحكومتين، فإنه سيعطي الشركات الأسترالية والكندية ميزة تنافسية عالمية.

خطوات إلى الأمام

الوقت ينفد. فمع الإعلان عن مبادرات جديدة مثل “مبادرة المعادن الحيوية” للرباعية، وخطة عمل مجموعة السبع للمعادن الحيوية، يجب على أستراليا أن تدرك أن استراتيجية المعادن الحيوية ليست مجرد سياسة محلية، بل هي أداة للدبلوماسية الدولية والاقتصاد العالمي.

نحن لا نحتاج إلى المزيد من مذكرات التفاهم، بل نحتاج إلى تحالف تشغيلي يدعم المشاريع المشتركة، ويؤمن سلاسل الإمداد، ويعزز المعايير المشتركة، ويموّل بناء القدرات، ويضع الدولتين في مكانة الريادة في نظام الموارد العالمي القائم على القواعد.

التعاون لا يعني التنازل عن السيادة، بل يعني تضخيم النفوذ. في عالم يزداد فيه التنافس بين القوى العظمى، يمكن لأستراليا وكندا أن تشكّلا مستقبل المعادن الحيوية أو أن يتم تشكيلهما من قِبله. الخيار لنا.