هل ترغب في نسيان ارتفاع تكاليف المعيشة وضغوط التضخم؟ حكومة ولاية أستراليا الغربية بالتأكيد تتمنى ذلك. ففي ميزانية الولاية لهذا العام، أعلنت أمينة الخزانة “ريتا سافيوتي” أن “وحش التضخم قد تم ترويضه”، معلنة عن تحول في التركيز من تخفيف أعباء المعيشة إلى تنويع اقتصاد الولاية.
لكن هل تم ترويض “الوحش” حقًا؟ أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأسترالي، وهو المصدر الرسمي لهذه الأرقام، تحسنًا في الوضع على المستوى الوطني، مما يعزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة في شهر أغسطس. ومع ذلك، كانت أستراليا الغربية هي الاستثناء، حيث سجلت أعلى زيادة في تكاليف المعيشة في البلاد، بنسبة 1.9% بين شهري مارس ويونيو، و2.7% على مدار العام.
“إدارة مسؤولة” وارتفاع فواتير الكهرباء
السبب الرئيسي لهذا الارتفاع كان زيادة هائلة في فواتير الكهرباء بلغت 116.8%، وذلك بعد انتهاء دعم وتخفيضات الحكومات الفيدرالية والمحلية. وقد أدى هذا إلى إضافة 550 دولارًا إلى فواتير الكهرباء لمعظم المنازل مقارنة بالعام الماضي.
وفي معرض تعليقها على هذه الأرقام، قالت “سافيوتي” إن “إدارتنا المسؤولة للمالية العامة مكنتنا من تقديم تخفيف كبير لأعباء المعيشة على سكان أستراليا الغربية خلال ذروة الأزمة”. وأضافت أنه “باستثناء تأثير انتهاء الدعم على فواتير الكهرباء، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في بيرث بنسبة 0.7%”.
وهذه هي الحجة التي تكررها الحكومة منذ إعلان الميزانية: إذا استبعدنا الكهرباء من حسابات التضخم، فإن الزيادات تكون أقل بكثير. وهذا صحيح بالفعل، ففي بقية قطاعات الاقتصاد، استقرت صدمات الأسعار التي شهدناها في السنوات الماضية، بعد أن وصلت الزيادات السنوية في وقت ما إلى أكثر من 8%.
الفجوة بين الأجور والتضخم
لكن، كما يشير الاقتصادي المستقل “كونراد ليفريس”، فإن هذا لا يعكس الواقع المعيشي للسكان. “لا يمكنهم استبعاد هذه الزيادات”، ويضيف أن ارتفاع فواتير الكهرباء بشكل كبير يتطلب من الأسر توفير مبالغ إضافية، وهذا يمثل ضغطًا حقيقيًا.
ومما يزيد الوضع سوءًا هو أن الأجور لم تواكب ارتفاع الأسعار. فبين مارس 2020 ومارس 2025، ارتفع التضخم في بيرث بنسبة 22%، بينما لم تزد الأجور إلا بنسبة 17%. وهذه واحدة من أكبر الفجوات في البلاد، على الرغم من أن نمو الأجور في أستراليا الغربية هو ثالث أقوى نمو على المستوى الوطني.
كما صرحت أمينة خزانة الظل “ساندرا بريور” في إفطار عمل: “للأسف، يتعين على العائلات في أستراليا الغربية دفع إيجارات وقروض عقارية متصاعدة بينما الأجور لا تتحرك”. وتضيف أنه “لم تكن هناك إصلاحات منتجة في الولاية لزيادة الأجور فوق معدل التضخم وخلق الازدهار للناس”.
الدعم المؤقت أطال أمد المعاناة
يشير “كونراد ليفريس” إلى أن الدعم الحكومي لفواتير الكهرباء “أخّر بشكل أو بآخر المعاناة التي تعيشها الأسر، وسيتعين عليها مواجهتها الآن”. فإزالة هذا الدعم الذي كلف مليارات الدولارات كان أمرًا مؤلمًا لا محالة.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان توقيت هذا الدعم جيدًا وساهم في كبح أزمة معيشية أسوأ، أم كان يمكن إدارته بطريقة أفضل لتجنب هذه النهاية القاسية؟
التحدي القادم الذي يجب على الحكومة مواجهته هو كيفية مساعدة الأجور على اللحاق بالتضخم على المدى الطويل، لضمان أن يشارك من ساهم في بناء هذه الولاية الغنية في ازدهارها.

