تشهد سوق العقارات الأسترالية تحوّلاً لافتًا، حيث سجلت أسعار المنازل والوحدات السكنية في جميع العواصم الأسترالية ارتفاعًا خلال الربع الثاني من عام 2025، وذلك للمرة الأولى منذ أربع سنوات، وفقًا لتقرير أسعار العقارات الصادر عن منصة “دومين” (Domain).

ارتفاع الطلب ومحدودية العرض

يُعزى هذا الانتعاش إلى تزايد الطلب على الشراء بالتزامن مع قلة المعروض من العقارات، ما أدى إلى تصاعد المنافسة، خاصة في مدن الساحل الشرقي حيث النمو السكاني لا يزال قويًا.

كما لعبت السياسة النقدية دورًا مهمًا في هذا الاتجاه، إذ ساهم اتجاه بنك الاحتياطي الأسترالي نحو خفض أسعار الفائدة في زيادة القدرة الشرائية للمواطنين، مما عزز الإقبال على الشراء.

جميع العواصم تسجل نموًا في الأسعار

قالت نيكولا باول، كبيرة الباحثين الاقتصاديين في “دومين”: “لأول مرة منذ أربع سنوات، تشهد جميع العواصم الأسترالية نموًا في أسعار المنازل. أما بالنسبة للوحدات السكنية، فهذه أول مرة منذ عامين نشهد فيها هذا التوجه العام في مختلف المدن.”

وشهدت كل من سيدني وملبورن أسرع معدلات نمو فصلية في أسعار المنازل منذ سنوات، حيث ارتفع السعر الوسيط في سيدني بنسبة 2.6% ليصل إلى 1.7 مليون دولار — وهو أعلى مستوى على الإطلاق. وفي ملبورن، ارتفع بنسبة 2.3% ليصل إلى أكثر من مليون دولار، وهو أعلى سعر منذ ثلاث سنوات.

مدن أخرى تلحق بالركب

  • في كانبيرا، ارتفع سعر المنزل الوسيط إلى أعلى مستوى له خلال 15 شهرًا.

  • أما في هوبارت، فقد وصل السعر لأعلى مستوى منذ أكثر من ثلاث سنوات.

  • مدن بريزبن، أديلايد وبيرث سجلت مستويات قياسية جديدة، حيث من المتوقع أن تتجاوز أسعار المنازل في بيرث حاجز المليون دولار لاحقًا هذا العام.

ارتفاع أسعار الوحدات السكنية

مع تراجع القدرة على شراء المنازل، بدأ العديد من المشترين في التوجه نحو الوحدات السكنية. وأظهر التقرير أن أسعار الوحدات على المستوى الوطني سجلت أقوى نمو فصلي منذ عامين، وبلغت في المتوسط 689,588 دولار.

وشهدت كل من سيدني، بريزبن، أديلايد وبيرث أرقامًا قياسية في أسعار الوحدات. وقالت باول: “مع القيود على القدرة الشرائية، وارتفاع أسعار الفائدة، وزيادة نشاط المستثمرين، أصبحت الوحدات أكثر جاذبية، بل وتتفوق في الأداء على المنازل في العديد من الأسواق.”

  • في داروين، ارتفعت أسعار الوحدات بنسبة 5.6% لتصل إلى أعلى مستوى خلال ثماني سنوات عند 388,169 دولار.

  • في كانبيرا، ارتفعت بنسبة 4.6% إلى 610,752 دولار — وهو أعلى سعر خلال نحو عامين.

  • أما بريزبن، فهي تشهد أطول فترة نمو مستمر في أسعار الوحدات في تاريخها، تليها أديلايد بتسعة أرباع متتالية من الارتفاع.

ما الذي يدفع هذا الانتعاش؟

أكدت باول أن العامل الأساسي وراء هذا الانتعاش هو تحسّن القدرة على الاقتراض، التي زادت بنحو 5% منذ بداية العام. وأضافت: “خفض الفائدة حفّز الطلب، ولكن العرض لا يزال محدودًا، خاصة مع تراجع وتيرة البناء”.

التوقعات المستقبلية

رغم أن الانتعاش الحالي فاق التوقعات، إلا أن باول تحذر من أن المرحلة القادمة قد تكون أقل وضوحًا، مشيرة إلى أن قرار بنك الاحتياطي في أغسطس سيكون محوريًا.

وقالت: “في حال تم تنفيذ خفض آخر للفائدة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب، لا سيما قبل موسم الربيع العقاري. لكن الهيئات التنظيمية تراقب عن كثب نشاط المستثمرين، وقد تتدخل في حال تسارع الأمور أكثر من اللازم.”

التحدي الأكبر: العرض

تُعد أزمة العرض أحد أبرز التحديات طويلة الأمد، حيث من المتوقع أن تظل معدلات إتمام مشاريع البناء دون المستوى المطلوب لمواكبة النمو السكاني.

وختمت باول بالقول: “في غياب دفعة حقيقية في إنشاء مساكن جديدة، ستبقى الأسعار تحت ضغط دائم، خاصة في المواقع المرغوبة.”

النصيحة للمشترين والمستثمرين؟ التحرك بسرعة — فالقيمة ما زالت موجودة في بعض الأسواق، لكنها قد لا تدوم طويلًا.