كشفت أبحاث جديدة عن مدى انتشار الأطعمة فائقة المعالجة وعالية الطاقة المخصصة للأطفال على أرفف المتاجر الأسترالية، مما يثير مخاوف جدية بشأن الأنظمة الغذائية للأطفال ويدعو إلى فرض قواعد غذائية أكثر صرامة.

في مقال حديث نُشر في مجلة “Nutrients”، قام باحثون بتحليل كثافة الطاقة (ED) ومستويات معالجة الأطعمة والمشروبات المغلفة التي تم تسويقها للأطفال الصغار وأُطلقت في أستراليا خلال السنوات الأخيرة. وقد وجدوا أن 56% من المنتجات التي شملتها الدراسة كانت عالية في كثافة الطاقة (≥12.552 كيلوجول/جرام أو كيلوجول/مليلتر)، بينما كانت 81% منها أطعمة فائقة المعالجة (UPFs؛ تصنيف NOVA G4)، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لفرض لوائح أكثر صرامة على الأطعمة التي يتم تسويقها للأطفال.

خلفية المشكلة

تُعد سمنة الأطفال مشكلة صحية متنامية في أستراليا، حيث يتأثر بها طفل واحد من كل أربعة أطفال (25.1%) (17% يعانون من زيادة الوزن و 8.1% يعانون من السمنة). ويلعب سوء التغذية، خاصة الاستهلاك المرتفع للأطعمة فائقة المعالجة وعالية الطاقة، دورًا مهمًا في هذا الاتجاه.

تشير كثافة الطاقة (ED) إلى كمية الطاقة (كيلوجول) لكل جرام أو مليلتر من الطعام، وتتأثر بشكل رئيسي بمحتوى الدهون (كثافة طاقة عالية) ومحتوى الماء (كثافة طاقة منخفضة). غالبًا ما تكون الأطعمة ذات كثافة الطاقة العالية أقل تغذية وترتبط بزيادة تناول الطاقة وزيادة الوزن.

أما الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs)، وهي الفئة الأكثر معالجة صناعيًا في تصنيف NOVA، فغالبًا ما تحتوي على إضافات ومكونات معدلة لتحسين المذاق والمظهر ومدة الصلاحية. يمكن أن تؤدي هذه الميزات إلى تعطيل تنظيم الشهية، مما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام والسمنة لدى الأطفال. ومع ذلك، يستهلك الأطفال بانتظام كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة والأطعمة عالية كثافة الطاقة.

حول الدراسة

تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها في أستراليا التي تقيّم بيئة الأطعمة المغلفة المخصصة للأطفال باستخدام تصنيفي كثافة الطاقة وNOVA على مدار فترة 10 سنوات.

من خلال فحص المنتجات الغذائية التي تم إطلاقها منذ إرشادات النظام الغذائي الأسترالي لعام 2013، هدف الباحثون إلى فهم كيفية تأثير معالجة الأغذية وكثافة الطاقة على إمدادات الأغذية للأطفال. يمكن أن تدعم النتائج تطوير لوائح أكثر صرامة لتسويق الأغذية للأطفال وتعزيز بيئات غذائية صحية.

استخدم فريق البحث تصميمًا رصديًا وصفيًا لتحليل الأطعمة والمشروبات المغلفة التي تم تسويقها للأطفال الأستراليين حتى سن 12 عامًا بين عامي 2013 و2023. وقد استمدوا بيانات الأغذية من Mintel GNPD، وهي قاعدة بيانات عالمية تتتبع المنتجات الجديدة في محلات السوبر ماركت الأسترالية الكبرى.

تم تصنيف المنتجات إلى فئات رئيسية “طعام” و”شراب” وفئات فرعية، وتم تضمين المنتجات التي تحمل ادعاءات تسويقية مرتبطة بالعمر للفئات العمرية المستهدفة فقط.

شملت البيانات التي تم جمعها أسماء المنتجات، والمكونات، والمعلومات الغذائية، وقيم الطاقة. تم حساب كثافة الطاقة (ED) بوحدة كيلوجول/جرام أو كيلوجول/مليلتر وتم تصنيفها على أنها منخفضة (≤4.184)، أو متوسطة (>4.184 إلى <12.552)، أو عالية (≥12.552).

تم تحديد مستوى المعالجة باستخدام نظام تصنيف NOVA: غير معالج/معالج بالحد الأدنى (G1)، مكونات طهوية معالجة (G2)، معالج (G3)، وأطعمة فائقة المعالجة (G4). تم تصنيف المنتجات التي تحتوي على قوائم مكونات غامضة بشكل متحفظ ضمن مجموعات NOVA الأدنى.

تم استبعاد المنتجات المكررة وتلك التي تحتوي على بيانات غذائية مفقودة. ثم استخدم الباحثون الإحصائيات الوصفية واختبارات مربع كاي لمقارنة كثافة الطاقة بين الأطعمة فائقة المعالجة والأطعمة الأقل معالجة.

النتائج الرئيسية

بين عامي 2013 و2023، تم إطلاق 1770 منتجًا غذائيًا ومشروبًا مغلفًا مستهدفًا للأطفال الأستراليين، وكان معظمها (63%) موجهًا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا. هيمنت أغذية الأطفال الرضع على المنتجات المخصصة للأطفال دون سن الخامسة، بينما شكلت المخبوزات والوجبات الخفيفة والحلويات الجزء الأكبر من المنتجات المخصصة للأطفال الأكبر سنًا.

تم تصنيف أكثر من نصف (56%) جميع المنتجات على أنها عالية في كثافة الطاقة، مع ملاحظة أعلى كثافات الطاقة في فئات مثل الوجبات الخفيفة والحلويات والشوكولاتة. وعلى النقيض، كانت أغذية الأطفال الرضع تتمتع بأقل كثافة طاقة متوسطة.

فيما يتعلق بمستوى المعالجة، تم تصنيف 81% من جميع المنتجات على أنها أطعمة فائقة المعالجة، بما في ذلك 93% من تلك المخصصة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا، و 59% لتلك المخصصة للأطفال دون 5 سنوات. كانت معظم المنتجات عالية كثافة الطاقة أيضًا من الأطعمة فائقة المعالجة.

تم العثور على فروق ذات دلالة إحصائية بين كثافة الطاقة وفئات NOVA فقط بين الأطعمة المخصصة للأطفال دون سن 5 سنوات ()، حيث كانت المنتجات عالية كثافة الطاقة أكثر شيوعًا في فئة الأطعمة فائقة المعالجة لهذه المجموعة.

لم يتم العثور على فروق ذات دلالة إحصائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا، حيث كانت معظم المنتجات من الأطعمة فائقة المعالجة بغض النظر عن كثافة الطاقة. كانت الأطعمة فائقة المعالجة منخفضة كثافة الطاقة، والتي غالبًا ما يُنظر إليها على أنها صحية، مثل وجبات الفاكهة الخفيفة، والزبادي المنكه، وحبوب الأطفال، وحليب النمو، شائعة أيضًا، مما يثير مخاوف بشأن تأثيرها المحتمل على استهلاك الطاقة لدى الأطفال وتنظيم الشهية لديهم.

استنتاجات

تُعد هذه الدراسة الأولى في أستراليا التي تفحص كلاً من كثافة الطاقة ومستويات معالجة الأغذية في المنتجات المسوقة للأطفال. وقد وجدت أن معظم الأطعمة المغلفة الجديدة على مدى العقد الماضي كانت فائقة المعالجة وعالية الطاقة، لا سيما تلك المخصصة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا.

تثير النتائج مخاوف، خاصة بالنسبة للأطفال الصغار دون سن 5 سنوات، الذين يتعرضون بشكل متزايد للأطعمة فائقة المعالجة على الرغم من أن الإرشادات الغذائية تشجع على الأطعمة المعالجة بالحد الأدنى خلال التطور المبكر.

من نقاط القوة الرئيسية في الدراسة استخدامها لقاعدة بيانات عالمية تلتقط الاتجاهات الحديثة في السوق. كما قارنت المنتجات عبر فئتين عمريتين، مما يوفر رؤى قيمة.

ومع ذلك، فإن قاعدة البيانات تتضمن فقط العناصر التي تم إطلاقها حديثًا، مما قد يؤدي إلى فقدان المنتجات القديمة التي لا تزال في السوق. يشير المؤلفون إلى أن Mintel GNPD تمثل على الأرجح نسبة كبيرة من السوق الأسترالية الحالية، ولكن بعض المنتجات الموجهة للأطفال قد تكون قد فاتتها. بالإضافة إلى ذلك، تم التعامل مع الطبيعة الذاتية لتصنيف المعالجة من خلال نهج متحفظ: عندما كانت قوائم المكونات غامضة، تم تصنيف المنتجات ضمن مجموعات NOVA الأدنى.

تؤكد الدراسة على الحاجة إلى إجراءات سياسية، مثل تنظيم أكثر صرامة للتسويق والادعاءات الصحية، لتقليل تعرض الأطفال للمنتجات عالية كثافة الطاقة والأطعمة فائقة المعالجة وتعزيز الخيارات الغذائية الصحية منذ سن مبكرة.