إذا صحّ ما قرأت عن أكثر من مصدر أن دمشق تلوّح بالتصعيد ضد بيروت، فهذا يعني أن على اللبنانيين أن يشدّوا حزام الأمان مجدّداً، وهم ما كادوا يتنفسون الصعداء بعد سقوط العهد الأسدي؟!.
وإذا صحّ ما قاله توم براك عن العودة الى بلاد الشام فإن الريبة بدأت تتمدد في الجسد اللبناني.
فقد شهدت العلاقة السورية اللبنانية في الأيام الأخيرة تصعيداً مفاجئاً تمثل بتصريحات غير مسبوقة صدرت عن الرئيس السوري أحمد الشرع، تجاه السلطات اللبنانية، على خلفية ما اعتبرته دمشق تجاهلاً متعمداً ومتكرراً لملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، وفي مقدمتها سجن رومية سيّء الصيت..
وإذا صحّ ما قرأت أن الشرع وجّه تعليمات عاجلة لوزير الخارجية السورية أسعد الشيباني، بالتوجه إلى بيروت في الأيام القليلة المقبلة، محمّلاً بملف واحد يتقدّم على سائر الملفات: مصير السوريين المحتجزين داخل السجون اللبنانية، وضرورة الإفراج عنهم أو نقلهم وفق تفاهمات قانونية وسياسية واضحة. يذكّرني ذلك بعبد الحليم خدام وفاروق الشرع ووليد المعلم!!! إذ أوضحت المصادر أن القيادة السورية المؤقتة تنظر إلى هذا الملف باعتباره اختباراً حقيقياً لجدية العلاقة بين البلدين في مرحلة ما بعد الأسد.
والمقلق أكثر، هو أن دمشق تدرس اتخاذ خطوات متدرجة قد تبدأ بتجميد بعض قنوات التعاون الأمني والاقتصادي مع لبنان، وإعادة تقييم العمل المشترك على الحدود، وصولاً إلى احتمال إغلاق بعض المعابر أو فرض قيود مشددة على حركة الشاحنات اللبنانية الداخلة إلى سوريا. وقد تصاعدت المخاوف من إغلاق كامل للمعابر البرية، وآخر خبر يقول أن أهالٍ لمعتقلين سوريين أقدموا على قطع طريق بعلبك-الهرمل عند معبر جوسية الحدودي، في رسالة رمزية تعكس عمق التوتر الشعبي.
هل قرأتم الخبر جيّداً؟؟.
لا تفركوا عيونكم ، إنه خبر صحيح، فأحمد الشرع لا يريد أن يتذكّر كم عدد اللبنانيين الذين قضوا بالمئات في سجنَي المزّة وتدمر الشهيرين وسواهما، ولا يريد أن يعلم كم عدد الوزراء والمبعوثين اللبنانيين الذين زاروا دمشق للبحث عن هؤلاء وعادوا جميعاً بخفّي حنين.
والشرع الشاطر كما يبدو أراد أن يتغدّى المسؤولين اللبنانيين في قضية المفقودين قبل أن يتعشّوه، فهو أثناء استقبال الرئيس نواف سلام في زيارة التهنئة، بادره بالسؤال عن الموقوفين السوريين في سجن رومية ولم يترك الفرصة لسلام للسؤال عن المفقودين اللبنانيين.
والواضح أن الشرع اختار التوقيت بعناية ، مستثمراً المناخ الإقليمي المتغير، والدعم الدولي المتزايد لحكومته الانتقالية مع “قبّة باط” أميركية واضحة توّجتها واشنطن برفع العقوبات عن جبهة هيئة تحرير الشام “النصرة”!.. ويعتقد مراقبون أن الضغط السوري على لبنان لا يقتصر على بعد إنساني أو حقوقي، بل يحمل أبعاداً سياسية عميقة، مفادها أن سوريا لم تعد تقبل بلعب دور الطرف الغائب في المعادلة اللبنانية، وأنها مستعدة لحماية مصالح مواطنيها بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك استخدام أدوات الردع الدبلوماسي والاقتصادي.
شدّوا الأحزمة أيها اللبنانيون؟!.

