من 30 أيلول سبتمبر 1989 تاريخ توقيع وثيقة التفاهم الوطني اللبناني في الطائف الى 27 آذار مارس 2025 الأسبوع الماضي تاريح توقيع الإتفاق الأمني اللبناني السوري في جدّة سلسلة من اتفاقات “إقرأ تفرح جرّب تحزن”.
ويعرف اللبنانيون الذين أطلقوا الأسهم النارية عند توقيع “الطائف” ان تسعين بالمئة من بنود الإتفاق المذكور لم تُطبّق: فلا إنشاء مجلس الشيوخ دخل حيّز التنفيذ، ولا إلغاء الطائفية السياسية أبصر النور، ولا تطبيق الإنماء المتوازن تحقّق، ولا تمّ اعتماد اللامركزية السياسية الموسّعة. ولا انسحب السوريون في حدّ أقصى مدته سنتان من تاريخ توقيع الإتفاق، ولا تمّ حصر السلاح بيد الدولة.
كل ما تحقّق من الطائف هو “تشحيل” صلاحيات رئيس الجمهورية وزيادة عدد النواب ..وتأكيد عروبة لبنان ” عربي الهوية والإنتماء”.
السوريون بلا شك هم الذين قرّروا ما يُطبّق وما لا يُطبّق من بنود الطائف لأنهم استمرّوا الحكّام الفعليين في لبنان حتى سنة 2005.
ولا يزال الطائف يتعرّض للتشويه حتى العهد الجيد، فالأسبوع الماضي وتحت ستار “تطبيق الطائف”، طرح النائب علي حسن خليل مشروعه وافكاره التي صوّرها كإصلاحية وضرورية. ورغم أن الطائف ينص على اعتماد المحافظات كدوائر انتخابية لكن خليل “استحلى” منه “لبنان دائرة انتخابية واحدة “؟
مسكين الطائف؟!

يوم الخميس الماضي التقى في جدّة وزيرا الدفاع اللبناني ميشال منسّى والسوري مرهف أبو قصرة ( الصورة) مع وفدين مرافقين.
وشهد الاجتماع توقيع اتفاق أكد فيه الطرفان على الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود بين الدولتين، وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة للتعاون في عدد من المجالات.
علماً أن الإتفاقات السابفة بين سوريا ولبنان بقي معظمها حبراً على ورق وجعلت اللبنانيين يتوجّسون مع كل اتفاق، ولعلً معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق التي وُقعت في عهد الرئيس الهراوي في 22 أيار سنة 1991 مثال على ذلك، إذ طبّق السوريون آنذاك ما يعود عليهم بالفائدة خاصة ما يتعلّق باستئثارهم بأكبر نسبة من مياه العاصي.
أعتقد أن تطبيق اتفاق جدّة لن يرى النور حتى على أيام أحفادنا.. فليستعد السوريون أبناءهم من لبنان..وبعدها لكل حادث حديث.