
لأشهر، كانت المفاوضات جارية بين كبار المسؤولين بشأن تصدير تكنولوجيا الرادار المتطورة من أستراليا إلى الولايات المتحدة، وتحديدًا نظام “جيندالي” لرادار ما وراء الأفق (JORN). ولكن بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، استغلت كندا الفرصة للتحرك بسرعة وإبرام الصفقة.
في خطوة مفاجئة، أجرى رئيس الوزراء الكندي المنتخب حديثًا، مارك كارني، محادثات مع نظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي، قبل أن يتوجه إلى إقليم نونافوت في القطب الشمالي الكندي ليعلن عن صفقة بقيمة 6.5 مليار دولار لشراء هذا النظام العسكري المتطور.
وقال كارني في خطابه:
“اليوم، أفخر بالإعلان عن تعاون حكومتنا مع شريكنا الدفاعي والأمني القديم، أستراليا، لتطوير نظام رادار عسكري جديد بعيد المدى يعمل بتقنية ما وراء الأفق.”
وأضاف:
“سيمكننا هذا النظام من اكتشاف التهديدات الجوية والبحرية والرد عليها بسرعة أكبر ومن مسافات أبعد، مما سيعزز أمن وسلامة جميع الكنديين.”
أهمية نظام JORN الاستراتيجية في الدفاع عن القطب الشمالي
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والتصريحات المتكررة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إمكانية ضم أراضٍ كندية وجرينلاند، قررت أوتاوا تعزيز دفاعاتها الشمالية من خلال الاستحواذ على التكنولوجيا الأسترالية المتقدمة.
سيتم دمج نظام JORN ضمن منظومة رادار جديدة تُعرف باسم “رادار القطب الشمالي لما وراء الأفق”، ما سيمنح كندا قدرة فائقة على مراقبة مجالها الجوي والبحري من مسافات بعيدة.
يعد JORN من أكثر أنظمة الرادار تطورًا في العالم، حيث يمكنه مراقبة الأهداف البحرية والجوية على مسافة تصل إلى 3,000 كيلومتر، متجاوزًا القيود المفروضة على الرادارات التقليدية التي تعتمد على خط النظر المباشر.
على عكس الرادارات التقليدية، يستخدم JORN إشارات راديوية عالية التردد ترتد عن الغلاف الأيوني للأرض، مما يسمح له بتعقب الأهداف عبر مساحات شاسعة. كانت هذه التكنولوجيا ضرورية لحماية الحدود البحرية الشمالية لأستراليا، وستلعب الآن دورًا رئيسيًا في تعزيز الأمن الكندي في القطب الشمالي.
تراجع النفوذ الأمريكي في الصفقة
في الوقت الذي تضغط فيه واشنطن على كندا لزيادة إنفاقها الدفاعي، يتماشى قرار أوتاوا بالاستثمار في JORN مع التزامها تجاه قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية (NORAD)، وهو المشروع المشترك بين الولايات المتحدة وكندا لرصد التهديدات الجوية والتصدي لها.
وعلى الرغم من أن واشنطن كانت تجري مفاوضات لدمج JORN ضمن منظومتها الدفاعية، فإن المراجعات المالية التي يجريها فريق “DOGE” برئاسة إيلون ماسك حول إنفاق وزارة الدفاع الأمريكية، تسببت في تأخير القرار الأمريكي، مما أتاح لكندا فرصة إنهاء الصفقة أولًا.
وأكد مسؤول أسترالي رفيع المستوى لقناة ABC News أن:
“كان من المتوقع أن تلحق كندا بالولايات المتحدة في شراء النظام، لكنها تحركت بسرعة وحسمت الاتفاق لصالحها.”
مستقبل أكبر صادرات أستراليا الدفاعية
عقب الإعلان عن الصفقة، شدد وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلس على أهميتها، مشيرًا إلى أنها قد تصبح أكبر صادرات صناعة الدفاع في تاريخ أستراليا.
وقال مارلس:
“لا تزال هناك بعض التفاصيل التي يجب تسويتها، لكن هذه الصفقة قد تكون الأهم على الإطلاق بالنسبة لصناعتنا الدفاعية.”
وأضاف:
“لن تعود هذه الصفقة بالنفع فقط على قطاع التصنيع العسكري في أستراليا، بل ستعزز أيضًا العلاقات الدفاعية بين بلدينا.”
في الوقت نفسه، أبدت المملكة المتحدة، التي تحتضن الشركة الأم لـ BAE Systems Australia، اهتمامًا بشراء JORN، لكنها لم توافق بعد على الصفقة.
مع استمرار تصاعد التوترات الجيوسياسية وإعادة تشكيل الاستراتيجيات الدفاعية العالمية، يبرز نظام JORN كأحد الأصول الرئيسية للدول التي تسعى إلى تحسين قدراتها في المراقبة بعيدة المدى. وبعد أن ضمنت كندا الصفقة الأولى عالميًا، قد تسير دول أخرى على خطاها، مما يعزز مكانة أستراليا كلاعب رئيسي في مجال تصدير التكنولوجيا العسكرية المتطورة.