
تتصدر أزمة تكاليف المعيشة المشهد السياسي في أستراليا مع اقتراب الانتخابات المتوقع إجراؤها في منتصف مايو، حيث أصبحت فواتير الطاقة المرتفعة رمزًا لنقاش أوسع حول السياسات الاقتصادية للحكومة. ويربط زعيم المعارضة، بيتر داتون، استثمارات حزب العمال الحاكم في الطاقة المتجددة بارتفاع تكاليف الكهرباء وتأثيرها على الأسر والشركات.
وقال داتون إن أسعار الكهرباء ارتفعت بشكل حاد منذ الانتخابات الأخيرة، مشيرًا إلى أن بعض الشركات باتت تدفع آلاف الدولارات شهريًا على التبريد مقارنة بعام 2022، مما انعكس سلبًا على المستهلكين. وأضاف: “الأستراليون يدفعون ثمنًا باهظًا للكهرباء والغاز بسبب سياسات الحكومة المتهورة التي تعتمد كليًا على الطاقة المتجددة”.
ووفقًا لتقرير نشرته “فايننشال تايمز”، تؤكد ميشيل ليفين، الرئيسة التنفيذية لشركة “روي مورجان” لاستطلاعات الرأي، أن تكلفة المعيشة تبقى على رأس اهتمامات الناخبين، حيث يواجه المواطنون أعباء إضافية تشمل فواتير الطاقة، وتكاليف الرهن العقاري أو الإيجار، وارتفاع أسعار الوقود.
الطاقة والسياسات الاقتصادية في قلب الجدل
خلال الحملة الانتخابية لعام 2022، وعد رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز بأن الاستثمار في طاقة الرياح والهيدروجين والطاقة الشمسية سيؤدي إلى تخفيض فواتير الكهرباء على المدى الطويل. ومع ذلك، ارتفعت الفواتير بنسبة 14% في عام 2023، وكان من المتوقع زيادتها أكثر لولا تدخل الحكومة بدعم مالي.
وفي هذا السياق، أفادت هيئة تنظيم الطاقة بأن بعض شركات الكهرباء قد ترفع الأسعار بنسبة تصل إلى 9%، فيما تواجه الأسر الأسترالية 13 زيادة في أسعار الفائدة بين عامي 2022 و2024.
من جانبه، أكد أمين الخزانة الأسترالي، جيم تشالمرز، أن الحكومة أحرزت “تقدمًا ملحوظًا” في الحد من التضخم، رغم استمرار الضغوط الاقتصادية على المواطنين. وأشار إلى اتخاذ تدابير مثل دعم الطاقة، وتخفيض الضرائب، وتخفيف ديون الطلاب، وإصلاحات نظام رعاية الأطفال.
الناخبون يبحثون عن حلول ملموسة
خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في فبراير، في أول تخفيض منذ عام 2020، بينما أظهرت بيانات التضخم لشهر يناير ارتفاعًا بنسبة 2.5% سنويًا، ضمن النطاق المستهدف للبنك. ومع ذلك، لا يزال الأستراليون يشعرون بأن الأوضاع الاقتصادية لم تتحسن، حيث أظهر استطلاع للرأي أن 81% من المشاركين يعتبرون تكلفة المعيشة أكبر مصدر قلق لهم، مقارنة بـ36% لأزمة السكن و25% للجريمة.
محافظة بنك الاحتياطي الأسترالي، ميشيل بولوك، أكدت أن التضخم المرتفع خلال العامين الماضيين أدى إلى ارتفاع دائم في الأسعار، مما أثر سلبًا على الفئات ذات الدخل المنخفض والأكثر ضعفًا.
تراجع الثقة بالحكومة الحالية
تظهر استطلاعات الرأي تقدم حزب الليبراليين، بقيادة داتون، على حزب العمال، في مؤشر على تراجع ثقة الناخبين بسياسات الحكومة. أما النائب المستقل داي لي، فيرى أن الحكومة استيقظت “متأخرة للغاية” على الضغوط المالية التي تواجهها الأسر الأسترالية.
ولم يقتصر التأثير على الأسر ذات الدخل المحدود، بل طال حتى الأثرياء، حيث أكد كريستيان سبيزيالي، وهو رجل أعمال في قطاع البناء بسيدني، أن عملاءه الأثرياء أصبحوا أكثر حذرًا في الإنفاق، متجنبين المشاريع الفاخرة مثل بناء حمامات السباحة والممرات الخاصة.