
في ظل تجاوز مناخ الأرض لمستويات غير مسبوقة، يؤكد أحد أبرز الخبراء في جامعة أستراليا الوطنية (ANU) ومستشار المناخ لدى الأمم المتحدة أن على أستراليا والدول ذات الانبعاثات العالية اتخاذ إجراءات جذرية لمواجهة تغير المناخ قبل فوات الأوان.
البروفيسور مارك هاودن، الذي سيقدم خطابه الأخير حول حالة المناخ خلال تحديث المناخ لعام 2025 بجامعة ANU، يؤكد أن الأهداف الطموحة التي حددتها الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات للحد من استخدام الوقود الأحفوري وتعزيز تقنيات الطاقة النظيفة لا تترجم إلى إجراءات كافية على أرض الواقع.
ويشير هاودن، مدير معهد المناخ والطاقة وحلول الكوارث في ANU، إلى أن أستراليا تمتلك الموارد والقدرات لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بتكلفة منخفضة، مما يمكنها من أن تصبح رائدة عالميًا في مجال الطاقة المتجددة والتكيف مع تغير المناخ.
عام 2024: عام الأرقام القياسية المناخية
“كان عام 2024 الأشد حرارة في التاريخ المسجل، وهو العام الأول الذي تجاوزت فيه درجة الحرارة العالمية متوسط ما قبل العصر الصناعي بـ 1.5 درجة مئوية. نحن الآن على شفا الفشل في تحقيق أحد الأهداف الرئيسية لاتفاق باريس، وندفع ثمن تفاقم التأثيرات المناخية”، كما صرح هاودن، الذي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة.
وأضاف: “لم يكن 2024 عامًا استثنائيًا فحسب، بل إن السنوات العشر الأخيرة كانت جميعها الأكثر حرارة في التاريخ. هذا التغير المستمر يؤدي إلى تحولات كبيرة في حركة المياه على الكوكب، مما يسرّع من الدورة المائية العالمية، ويزيد من حدة الظواهر المناخية المتطرفة مثل الفيضانات العنيفة في كوينزلاند والجفاف المدمر. كما أن حرائق الغابات المميتة في لوس أنجلوس هي دليل آخر على هذه التحولات المتسارعة”.
الوقت ينفد: لماذا لا تتحرك أستراليا بسرعة كافية؟
وأشار هاودن إلى أن “الزيادة السريعة في درجات الحرارة تُعزى بلا شك إلى انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية. لقد تجاوزنا بالفعل الحدود المناخية التي كنا نعرفها، مما يعني دخولنا في مرحلة غير معروفة، تنطوي على مخاطر أكبر من الظواهر المتطرفة وارتفاع مستوى سطح البحر”.
وتابع: “لقد كان لدينا ما يكفي من المعرفة العلمية منذ 20 عامًا لاتخاذ إجراءات أكبر للحد من الانبعاثات والتكيف مع التغيرات المناخية. العلم ليس هو العائق هنا”.
كما أكد أن الرأي العام ليس عائقًا أيضًا، حيث أظهرت الاستطلاعات أن 90% من الأستراليين يريدون مزيدًا من العمل لمكافحة التغير المناخي، وهو اتجاه يتماشى مع التوجه العالمي. ومع ذلك، فإن هذه الرغبة لم تنعكس بالكامل في سياسات الحكومات والصناعات.
وأضاف: “لدينا أهداف طموحة لخفض الانبعاثات على المستويين الفيدرالي والولائي، خاصة في كوينزلاند. ولكن إذا استثنينا التغيرات في استخدام الأراضي، نجد أن الانبعاثات لم تنخفض بالشكل المطلوب، وهو عكس ما يمليه علينا العلم والاقتصاد والرأي العام. هذا يشير إلى الحاجة لتعزيز تنفيذ السياسات ودمجها بشكل أكثر فعالية”.
التحرك الآن هو الخيار الوحيد
ويختتم هاودن حديثه بالقول: “أستراليا لديها الإمكانيات والموارد للتكيف مع تغير المناخ وتقليل المخاطر المتزايدة، لكننا لا نستغل هذه الفرص بالشكل الكافي. من الواضح أن أسوأ ما يمكننا فعله هو عدم اتخاذ أي إجراء، وأفضل ما يمكننا فعله هو اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة. إذا لم نتحرك الآن، فمتى؟”.
سيتم عقد تحديث المناخ لعام 2025 في جامعة ANU يوم الخميس 13 فبراير في قاعة لويليان، وسيكون متاحًا أيضًا عبر الإنترنت. وسيكون هذا الحدث هو الأخير للبروفيسور هاودن قبل أن يترك منصب مدير المعهد لاحقًا هذا العام بعد 10 سنوات من قيادته.