أنطوان القزي – التلغراف
منذ أيام ، وأنا أقرأ عن دخول الفصائل المسلحة العاصمة السورية، وأن الذعر والتوتر يسودان بوضوح بين الدمشقيين خشية تدهور الأوضاع أكثر، واحتمال حصول مواجهة ضخمة بين القوات المهاجمة والقوات الحكومية المتحصنة في دمشق ومحيطها.
وأنا أقرأ أن شوارع الشام شبه خالية في العاصمة السورية وأن «حزب الله سحب عناصره الموجودين في محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري
وأنا أستعرض أسماء الدول التي دعت رعاياها الى مغادرة سوريا فوراً وبينها دول عربية..
فوجئ صديقي المدمن على قراءة مقالاتي بعدم التشفي مما يحصل في سوريا قائلاً:”ها هي الساعة التي كنتَ تتمناها للنظام السوري قد أتت ، فما بالك لا تشفي غليلك وقد شفيت غليل كثيرين منذ أكثر من ثلاثين سنة”؟!.
أجبته يا صديقي:”أنا حاربت هذا الكابوس البعثي طيلة اربعين عاماً وحُرمت من الذهاب الى وطني بسبب مواقفي، لكن الإعلامي وظيفته أن يسلّط الضوء على الظلم ويرفع الصوت وأن يحمل قضايا المقهورين، فأنا تعوّدت أن أواجه الأقوياء وعندما لا يعود القوي قوياً يكون دوري قد انتهى. فعندما يتبارى فارسان بالسيف ويسقط أحدهما أرضاً يعيد الثاني سيفه الى غمده ويدير ظهره ويمشي لأن دوره هو مبارزة الأقوياء ولأن الضرب في الحصان الميت حرام”..
ثمّ أنني يا صديقي فيروزيّ في علاقتي مع الشعب السوري،
فمنذ منتصف الخمسينات وفيروز تغني في سوريا بانتظام وتقدم معظم مسرحياتها بالاشتراك مع الاخوين رحباني. وكما هي العادة في كل حفلات فيروز في لبنان فان عددا كبيرا من السوريين حضروا رغم الازمة التي تعصف ببلادهم منذ سنة 2011.
ودمشق هي اكثر عاصمة عربية خصتها فيروز باغنياتها حيث شدت اغنية “سائليني يا شام” من أشعار سعيد عقل. ومن شعر وتلحين الاخوين رحباني قدمت اغنيات شامية اخرى مثل “يا شام عاد الصيف” و”شام يا ذا السيف” و”قرأت مجدك” و”نسمت من صوب سوريا الجنوب” و”بالغاركللت ام بالنار يا شام “.
وأنا لا أنسى يوم حملت فيروز الدف في معرض دمشق الدولي وادت مع الكورس و المطرب اللبناني الراحل نصري شمس الدين الأغنية التي تقول في نهايتها “ان ما سهرنا ببيروت بنسهربالشام”.
سوريا يا صديقي ليست سجون البعث وملفات غازي كنعان وظلم آل الأسد وحسب.. سوريا هي شعب يعشق الحياة ظلمَه النظام الذي جعل الميليشيات تنمو على ضفاف بردى والعاصي.
السوريون لا يد لهم بأولاد السوء الذين حكَموهم..
سوريّو نزار قباني وابو العلاء المعرّي وحنا مينا يستحقّون الحياة.
سوريّو فيروز هم أخوتنا؟!