أنطوان القزي

بعد انفجار مرفأ بيروت الهائل في 4 آب 2020 الذي راح ضحيته أكثر من 200 شخص ، تداولت العديد من المواقع وصفحات التواصل أبياتا من قصيده قديمة من السبعينيات في القرن المنصرم للشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري يتعاطف فيها مع العاصمة اللبنانية بيروت لما مرت به من مصائب.
ويقارن الجواهري بين مصائب بيروت ومصائب العاصمة العراقية بغداد في أبيات نابضة وكأنها كتبت لهذا اليوم.
إليكم البعض من ابيات هذه القصيدة:
جللٌ مصابُك يا بيروت يبكينا/
يا أخت بغداد ما يؤذيك يؤذينا
ماذا أصابك يا بيروت دامية/
والموت يخطف أهليك وأهلينا
‏عضّي على الجُرح يا بغداد صابرةً/
بيروت تعرفُ ما فيها وما فينا
بيروتُ تعرفُ من بالروعِ يفجعنا/
علم اليقين وكأس الموت يسقينا
نادي بنيكِ وقصّي بين أظهرهم/
ضفائر الطهر أو حتى الشرايينا
عضّي على الجُرح يا بغداد واتعظي/
من أحرق الأرز لن يسقي بساتينا…
ليس غريباً على “أبا فرات” أن يتنبأ لبيروت وهو عاش فيها سنة 1938 ، وليس غريباً على شعراء عراقيين أن يعيشوا ردحاّ من الزمن في بيروت وهي توأم قصائدهم وبلاغتهم وهمومهم الإبداعية مثل الجواهري ومعروف الرصافي ومظفّر النواب وغيرهم.
وعندما انقلب الزمن في عاصمة الرافدين ، بقيت بيروت وفية لهواها البغدادي وهي التي أطلقت على عدد من شوارعها أسماء شعراء عراقيين كثر إبتداء ب «المتنبي» وصولاًالى معروف الرصافي,
واحتفالاً بولادة مجلة «بيت» الصادرة عن «بيت الشعر العراقي» (تأسّس عام 2009)، وبمبادرة من «مركز دراسات عراقية»، احتضن «مسرح بابل» في بيروت أمسية شارك فيها الشعراء العراقيون أحمد عبد الحسين وسهيل نجم، ومحمد ثامر يوسف وحسام السراي. قرأ هؤلاء قصائدهم المتمرّدة على يوميات الخوف والتزمّت والموت..
اليوم، يربط جسر الفقر والجوع والعنف والمعاناة بين العاصمتين.. ونسمع القاهرة تسأل: لمن أكتب وما زالت بيروت التي تطبع غارقة تحت أهرائها، و ما زالت بغداد التي تقرأ تعاني من جنون أهلها وما زالت ليلى في العراق مريضة.
ونقرأ اليوم أن العنوان الرئيسي لانتفاضتي بيروت وبغداد: لا للفساد، الفساد بكل أطيافه، الطائفية والمالية والحزبية، لا للتيارات التي تجري عكس تيار الوطن الذي هو للجميع دون استثناء إلا استثناء الخونة والعملاء.
مدينتان ، بالأمس جمعتهما منارات العلم والعلماء واليوم تجمعها استغاثات الجوع والفقراء.
والسؤال:»هل نحن فعلاُ أحفاد أجدادنا»؟!.