رغدة السمان – سدني

في قارة الجنوب غريق وبرد وأوبئة، وفي الشرق حريق وحروب وموت بالمجّان، وكأن الشهية مفتوحة تأبى الشبع… وفي التقويم الهجري يُسمّى شهر «صفر» .
في العصر الجاهلي كانت الغزوات على القبائل إلى أن يتركوها صفراً من الممتلكات هي وأهلها. وما زالت آثار ذلك العصر حاضرة، فنحن كما قال شاعر دمشق الكبير نزار قباني: خلاصة القضّية لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية.
وكأن كل ما وصل إليه الفلاسفة،الحكماء، العلماء، وحتى الأنبياء نتساءل هل فشلوا في توصيل رسالتهم؟ أم نحن الشعوب فشلنا في فهم ما دونوه لنا على الألواح منذ حمورابي!!
لما وصلنا إلى هذا القبح الذي نعيشه؟ الغوغائية، الرعونة، حاميها حراميها، لا قوانين تردع، إذا قلنا أن الدين مهمّ لتقويم الأخلاق..
فما نعيشه فعليا وعمليا نرى لا دين ينفع ويهذّب. فلا نحن أبناء الله
، ولا نحن خير أمّة…
مُعتقَلين بالأوهام والتحضّر نهرب من الحقائق، نكره الصادقين، نَخشى المُختلّ والغاصِب والمرتشي والخائن ونقترب من المُدلّس ومن يختال قائلا شوفوني ما أحلاني .
مَرضى نحنُ ولا نعترف نختبئ وننزوي من الوضوح ونسدل سِتار الدين في كل موقف نحتجب ونحجب الرؤية مستخدمين الأيديولوجيات النفعية نؤمن بالظاهر والمظاهر.. الدين ليس للاستبداد والمنفعة والملاسنة بل هو سموّ روحي يتغذى على الإيمان،الدين يساعد الإنسان على تهذيب وثقل النفس والروح والجسد. يزداد الشرخ والإنقسام يوما بعد يوم بدل ان يكون التقارب والألفة، وهذا دفعني لأكتب عن خلل في نظرتنا الى الدين واختلاف مذاهبنا وطوائفنا وما لاحظته في صفحات بعض الأصدقاء من ردود محرّضة وعنصرية وغير مُجدية.. التعبئة السالبة لبرمجة أجسادنا وبث فيها الأمراض النفسية والعصبية ليست حلاّ ، نحتكر الله كل منّا لجهته بأسلوب يدل على جهل الإنسان بدينه متل» نوّاحة وردّادة”…
كتب أحدهم الحمدلله على نعمة الإسلام….! فأجاب الآخر بمنشور الحمدلله على نعمة المسيحية…!
رحم الله أمة المسلمين..
أجابه : رحم الله الأرثوذكسيين… وكأن الكاثوليك أو بقية الطوائف
…. الخ لا ينتمون الى المسيحية مثلاً !
يا صديقي لماذا تستهلك كل طاقة بجسدك بلا أي نفع . فكّر بوجودك الواعي . آمن بالحياة بالعمل بالعلم وابتعد عن هذا الضجيج الخطير وادخل الى عالم السكون والبساطة فالحياة تستحق ان تُعاش بطريقة أفضل لاتنسى المعلّم ابن الإنسان حين قال «من لطمك على خدك الأيسر حول له الآخر» لا تعني احتقار أو نرد الصاع صاعين، بل افتح له طريق الحوار والمعرفة وليس القوة والعنف والقتل..
قال له يا معلم قضينا الليل كله ولم نصطد شيئاً!
أجابه : ادخل إلى العمق والقي الشّبَكة… قصد عمق أنفسنا علينا فهم الوصايا والحِكم بطريقة صحيحة والعمل بها. أن نتوجه إلى داخل النفس فمتى وصل اليقين إلى القلب إمتلأ نوراً واشراقاً ورضا وإمتنان ولا تعود بحاجة إلى المهاترات الغير لائقة…وقلّ ربِّ زدني علماً .
ودعواتنا بأن يعم السلام وراحة البال والطمأنينة لشعوبنا المُنهكة التي أصبحت تتمّيز بِوجُوه مُتجهّمة وجبين مُقطّب من تراكم الأحزان والفواجع.