بينما نجتمع الليلة للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الاتحاد الأسترالي للمجالس الإسلامية، فإننا نتأمل في رحلتنا – رحلة الإيمان وخدمة المجتمع والدعوة. على مدار ستة عقود، كانت AFIC
في الطليعة، حيث دعمت المجتمع المسلم في جميع أنحاء أستراليا. من بداياتنا المتواضعة إلى أن نصبح الهيئة العليا للمسلمين في أستراليا، كان طريقنا مليئًا بالإنجازات والتجارب.
في السنوات الأخيرة، واجهت AFIC تحديات كبيرة اختبرت مرونتنا وطالبت بإعادة تقييم استراتيجياتنا. هددت العقبات المالية والهيكلية بتقويض فعاليتنا ودورنا في المجتمع. ومع ذلك، فمن خلال الوحدة والتفاني والرؤية الواضحة تغلبنا على هذه العقبات. اليوم، أنا فخور بأن أقول إن AFIC تقف أقوى من أي وقت مضى – قوية ماليًا، وسليمة من الناحية الهيكلية، ومستعدة مرة أخرى لقيادة وخدمة مجتمعنا.
وتمتد إنجازاتنا إلى ما هو أبعد من التغلب على التحديات الداخلية. لقد قمنا بتوسيع وجودنا الفعلي في جميع أنحاء البلاد، مما عزز قدرتنا على خدمة المجتمع المسلم بشكل أكثر فعالية. لقد عززنا التزامنا بالقيم الأساسية المتمثلة في الوحدة والتعليم والرعاية الاجتماعية – وهي المبادئ التي أرشدتنا منذ بدايتنا.
ومع ذلك، فإن احتفالنا الليلة طغت عليه الأحداث المروعة التي تتكشف في فلسطين. إن التقرير الأخير الصادر عن منظمة إنقاذ الطفولة، والذي يشير إلى وجود أكثر من 20,000 طفل مفقود في غزة، ويُفترض أنهم فقدوا أو محتجزين أو مدفونين تحت الأنقاض، هو بمثابة تذكير بالأزمة المستمرة. إن هذا الوضع يفرض علينا وعلى المجتمع الدولي أن نفكر بعمق في مسؤولياتنا.
وفي الأشهر الثمانية الماضية فقط، قُتل ما يقرب من 40 ألف شخص وأصيب أكثر من 80 ألفًا. لقد تم تهجير جميع السكان البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، وموت الأطفال من الجوع والعطش، وتدمير أكثر من 75% من البنية التحتية المدنية. هذه ليست مجرد أرقام. إنها تمثل معاناة إنسانية مستمرة وعميقة تتطلب منا الاهتمام والعمل.
إن الوضع في غزة رهيب ويشكل إبادة جماعية واضحة بكل معايير القانون الدولي. وهذا ليس مجرد تأكيد، بل يتم تناوله على هذا النحو في محكمة العدل الدولية، حيث تتكشف قضية ضد إسرائيل. وهو سيناريو يذكرنا بالاستجابة العالمية للأزمة في أوكرانيا، حيث وقفت أستراليا إلى جانب المجتمع الدولي لدعم العدالة في محكمة العدل الدولية.
الليلة، أدعو الحكومة الأسترالية وجميع الهيئات الدولية الموجودة هنا إلى اتخاذ موقف حازم، كما حدث ضد غزو أوكرانيا، لدعم القضية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. ويجب علينا ألا نتحدث عن حقوق الإنسان والعدالة فحسب، بل يجب أن نتصرف بشكل حاسم لدعم هذه المبادئ.
إن الأزمة في فلسطين لا تتطلب اهتمامنا فحسب، بل تتطلب تحركنا الفوري. فكيف يمكننا، كمجتمع عالمي، أن نسمح باستمرار هذه المعاناة؟ ويجب علينا أن نستخدم نفوذنا ومواردنا وأصواتنا لإحداث التغيير وإنهاء ما لا يمكن وصفه إلا بالإبادة الجماعية.
وفيما يتعلق بالإجراءات، فقد تم هذا الأسبوع تقديم اقتراح مهم إلى مجلس الشيوخ للاعتراف بدولة فلسطين، وهي المبادرة التي عارضتها، للأسف، كل من الحكومة والمعارضة. ويمثل هذا القرار انتكاسة كبيرة في السعي لتحقيق السلام والعدالة في المنطقة. إن موقف AFIC الثابت هو أن الاعتراف بفلسطين ليس مجرد لفتة رمزية بل خطوة أساسية نحو بدء عملية سلام حقيقية. إن الفشل في الاعتراف بفلسطين يسمح باستمرار التأخير والحواجز في مفاوضات السلام من قبل أولئك المستفيدين من الوضع الراهن.
تحتاج الحكومة الأسترالية بشكل عاجل إلى إعادة النظر في موقفها بشأن هذه القضية الحاسمة. إن الاعتراف بفلسطين سيكون إشارة إلى الالتزام بالقانون الدولي ومبادئ العدالة وحقوق الإنسان. ومن شأنه أن يوفر شرطا ضروريا لإجراء حوار هادف وسلام دائم. وباعتبارنا أعضاء في المجتمع العالمي، فمن الضروري أن ندعو إلى العدالة وأن نتخذ إجراءات حاسمة تؤدي إلى السلام.
ونحن نحث الحكومة الأسترالية على مواءمة سياستها الخارجية مع هذه القيم ودعم الاعتراف بدولة فلسطين. إن القيام بذلك ليس مجرد الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به؛ إنها خطوة حاسمة نحو تأمين مستقبل يسوده السلام والاستقرار للشعب الفلسطيني.
لا تقتصر جهودنا في AFIC
على حدودنا الوطنية. إن محنة فلسطين تتطلب استجابة عالمية – استجابة تتوافق مع التزاماتنا بالسلام والعدالة وكرامة كل إنسان. وعلينا أن نتحدى أنفسنا وقادتنا ليكونوا على الجانب الصحيح من التاريخ.
وبينما نفكر في 60 عامًا من الخدمة، فلتكن هذه اللحظة أيضًا دعوة للعمل. دعونا نجدد التزامنا بقيم الوحدة والتعليم والرعاية الاجتماعية، ولندع هذه القيم ترشدنا في استجابتنا للأزمات العالمية.