أنطوان القزي

بات اللبنانيون يتشوّقون لرؤية النائب محمد رعد وينتظرون خطاباته العنترية ، عفواً» المنبرية ، في مناسبات العزاء والتأبين.
مرّة يحمل قاموساً يختار منه مفردات التخوين والعمالة على أنواعها حتى لا يقع في التكرار، ومرّة يحمل آلة حاسبة ويهدّد من يخالفه الرأي بالعدّ.
في آخر حلقة من مسلسل «النزقون» فاجأ رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» اللبنانيين بتصريحات غريبة، وغير مدروسة، وتستدعي ردود فعل ومخاوف كبيرة.

تقول «النهار» البيروتية: هي ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها رعد عن المراقص والملاهي، فقد سبق له أن تكلّم على كيفية تحويل المقاومة هذا البلد من بلد مؤامرات ومراقص إلى بلد مقاوم. وقبل ذلك بأسبوع، تحدّث رعد عن تحمّل حزبه للمعارضين له غصباً عنه، وكأنّه يمنّ عليهم بالصّبر عليهم.

وفي تصريحه، وصف النائب رعد معارضي الحرب بالنّزقين من اللبنانيين، الذين يريدون أن يرتاحوا، وأن يذهبوا إلى الملاهي، وإلى شواطئ البحار، ويريدون أن يعيشوا حياتهم. هذه الفردية القاتلة والنفعية الأنانية التي تدمر مصالح الأوطان والمجتمعات!
الكلام لاقى استغراباً واسعاً، خصوصاً أنه يتناول الطبيعة الفطرية للبشر، وهي السعي إلى الحياة والعيش، والتوق إلى الحياة والفرح؛ فمعايرة مَن يريدون عيش حياتهم ومهاجمتهم يتخطّى المعايير الإنسانية الفطرية للبشر.

من جهة ثانية، توصيف السّاعين إلى حياة مستقرّة وطبيعية وعادية بالنزقين والنفعيين والأنانيين، والذين يدمّرون مصالح الدول والمجتمعات، يطرح سؤالاً عن الساعين إلى الحروب وطالبيها وفاتحي الجبهات في بلد تحاول ناسه الهروب من مشاكلها الحياتية والاقتصادية والمنهارة، حيث لم يبق أمامهم سوى شواطئ البحار والملاهي، بعد أن قاطعتنا الأغلبية الساحقة من الدول. والهجرة التي يطالب بها جمهور رعد لم تعد متاحة بسبب إقفال الدول أبوابها أمام اللبنانيين. وهل الذاهبون إلى الشواطئ يدمّرون الأوطان، وفاتحو الجبهات يبنونها؟

هؤلاء النزقون لا يريدون سوى العيش بسلام، ولم يلزموا أحداً بخياراتهم، ولم يعتدوا على أحد، بل يريدون ممارسة أبسط حقوقهم بالحريّة؛ وهناك من يريد أن يلزمهم بخياراته، وإلّا فالويل والثبور وعظائم الأمور!
ولو نظر حوله النائب رعد على شاطئ صور لرأى هؤلاء النزقين يحبّون ويؤيدون خط النائب رعد السياسي، ويذهبون أيضاً إلى الشواطئ. وهناك شبه اقتناع جامع بأن لبنان أصغر من أن يقسّم، لتعود هذه الخطابات وهذه الانفعالات فتذكّي الخطاب التقسيميّ، ويتقدّم شعار «ما بيشبهونا» على أيّ شعار آخر؛ وهنا تكمن الخطورة. ومن شاهد الردود على الخطاب وما أحدثه على وسائل التواصل الاجتماعي يدرك أين أصبح الخلاف والشقاق والوطن الذي يقولون إنهم يدافعون عنه؛ لم يبق منه شيئاً.

وفي المحصلة، إذا كان الحاج محمد من اليوم يكره هؤلاء «النزقين» فكيف الحال سيكون بعد الانتصار الذي يعدنا به»؟.
…وإلى حلقة جديدة من مسلسل « النزقون»؟!.