أنطوان القزي
إتصل بي صباح الثلاثاء: وانهمر عليّ بالشتائم مثل زخّات المطر، ولم يترك لي فرصة كي أقاطعه، وبعدما اكمل إفراغ إناء القدح والذم لديه قائلاً : «ايها الصهاينة، أيها العملاء، أيها الحاقدون، انتم يا جريدة النحس يا أعداء العرب والعروبة، نحن نعرفكم من زمان وليست المرّة الأولى ، فأنتم موصوفون بالإرتهان منذ بدايتكم»!!..
حتى الآن لم أفهم شيئاً، وعندما استعاد أنفاسه، تابع قائلاً:» كل الناس تعرف «التلغراف» من زمان على أنها إنعزالية وصهيونية، واليوم تأكد المؤكد.. يا أولاد الكذا والكذا، هل وصلت بكم للأمور للوشاية على المقاومة وتضليل الرأي العام خدمة لإسرائيل لتنشروا تقريراً خبيثاً عن المقاومة وتزعمون أن هناك سلاحاً ل»حزب الله» في مطار بيروت»؟!.
هنا تنفّستُ الصعداء، وتأكد لي أن صاحبنا «غلطان بالنمرة» وظنّ ان التلغراف البريطانية التي نشرت التقرير عن مطار بيروت هي «تلغرافنا» اي التلغراف الأسترالية التي تصدر بالعربية، ليفشّ خلقه بالعيار الثقيل وكأنه استعار صلية من صواريخ «حزب الله» ليقصفنا بها.
..أوّلاً نشكر صاحبنا لأنه ساوى بيننا وبين «التلغراف» البريطانية».
ثانياً ، إننا لا نشكره، لأن راجماته أضاعت الهدف، وهو مثل كثيرين سبقوه وكانوا يبنون قناعاتهم على الشائعة ويسدّدون سهامم الى الأهداف الخطأ.
وربما صاحبنا الذي لا يعجبه الخط السياسي «السيادي» للتلغراف رآها فرصة للإنقضاض عليها دون أن يمنح نفسه فرصة التحقّق من هويّة الصحيفة.
هذه الحادثة ذكرتني بحادثة مشابهة حصلت بيني وبين السفير السوري تمام سليمان قبل طرده من أستراليا!.
فالسفير تمام سليمان الذي كان يشكو من خط الجريدة وينتقد نوعية ومضمون المقالات، اتصل بي يوماً غاضباً، لا مرحبا ولا من يحزنون وهو يصرخ:» لا يحق لكم أن ترفضوا نشر صورة الرئيس بشار الأسد في صحيفتكم»؟
قلت له:» من أخبرك أننا لا ننشر صورته، فنحن نميّز بين العمل الصحافي وبين موقفنا من الناس، ننشرصورة العدو كما ننشر صورة الصديق».
لكن السفير صعّد من لهجته وقال:» أخبرني الشباب انك لا تنشر صورة سيادة الرئيس».
قلت له:» يا سعادة السفير أنا أعرف انكم تشترون «التلغراف» كل يوم في كانبرا»
قال : «نعم»
قلت :» بالله عليك إذا وصلكم عدد اليوم حاول أن تتصفّحه»
وضع سمّاعة الهاتف جانباً وسمعته يسأل عن عدد التلغراف ليحضره له أحد الموظّفين، وما كاد يحمل سعادته الجريدة حتى تلعثم وأقفل الخطّ ولم أعد أسمع صوته. هل تعرفون لماذا.. لأن صورة رئيسه بشار الأسد كانت على الصفحة الأولى.
ختاماً ، أنا لا أستغرب ان يشتمني عابر سبيل بسبب شائعة ما دام عميد السلك العربي سبقه وفعلها.
وكل شائعة وتصبحون على شتّامين؟!.