ما دفعني الى الكتابة اليوم، وعلى الأصح ما استفزّني، هو وصف إحدى الصحف اللبنانية “ الممانعة” زيارة وزير الصحة اللبناني فراس أبيض الى استراليا التي انتهت مساء الأحد بأنها زيارة سياحية.
عجباً من صحيفة يشرف عليها من يدعون الإحتراف وسرعان ما يكيلون الإنجازات بميزان العصبية السياسية.
لست من الذين يمالئون بغير وجه حق، بل أعطي كل ذي حق حقه ولو كنت على خلاف معه في الرأي والنهج السياسي، فكيف إذا كان شحصاً سطّر إنجازات في زمن ال»كوفيد».
غالباً ما رافقتُ زيارات المسؤولين اللبنانيين وزراء ونواباً الى أستراليا طيلة 35 سنة، في برامجهم الرسمية وتلك التي يستهلكونها على الموائد.
وجردة حساب اليوم خالية من أي اعتبار تملي عليّ القول أن زيارة وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فراس ابيض إلى أستراليا التي انتهت أمس الأول الأحد كانت خالية من الدهون بالمعنى العملي وبنتائجها.
هذا الكلام برسم صحيفة الزيارات السياحية:
أولاً، بعدما تعوّدنا على الطبل والزمر والمظاهر الإحتفالية في زيارات مسؤولين لبنانيين كثيرين.. لم يعلم أحد أن الوزير أبيض في أستراليا إلّا بعد أن أنهى نصف زيارته وسجّل نتائج جيّدة في لقاءاته مع المسؤولين في وزارة الصحة الفيكتورية وفي جامعة موناش التي التقى رئيسها وهي أهم مركز عالمي لأبحاث معالجة امراض القلب حيث وقّع اتفاقاً بين الجامعة ووزارة الصحة اللبنانية ومنها الى المستشفيات الحكومية، حتى أن رئيس جامعة موناش أعرب عن استعداده لزيارة لبنان في الأيام المقبلة للوقوف على حاجات لبنان في هذه الإطار.
ثانياً: زار أبيض في سدني نحو عشرة مراكز اختصاص من مستشفيات وجامعات منها جامعة سدني وجامعة غرب سدني وجامعة نوتردام ومستشفى برنس ألفريد ومستشفى ويستميد الذي قال عنه أبيض انه أهم مركز للأطفال الخدَّج في العالم أي الذين يولدون قبل أوانهم (600 غرام وما فوق).
وهو التقى في سدني عدداً كبيرأ من الوزراء في لقاء موسع ضمّ رئيس الحكومة السابق بوب كار ونائبة رئيس الحكومة الحالية برو كار ووزراء صحة سابقون ورؤساء دوائر صحية على مختلف اختصاصاتهم. وخرج ابيض من اللقاء و”قلبه كبير” كما يقول من الرغبة في مساعدة لبنان.. “كم كان قلبي يكبر أكثر أنه في كل لقاءاتي كان يقترب مني متحمسون لمساعدة لبنان: الأولى طبيبة أتية من كندا ، تقدّمت مني وأسرّت في أذني: «انا لبنانية الأصل إسمي كاتي طنوس وأرغب في مساعدة لبنان»
وفي لقاء آخر، تقدمت مني طبيبة وقالت:» أن زوجي لبناني من آل باسيل وارغب في مساعدة لبنان».
ويتابع أبيض:» هذا هو الإغتراب اللبناني كما نعرفه ،غيرة دائمة ويد ممدودة الى وطن الارز وخاصة الجالية في أستراليا.
وزير الصحة اللبناني جاء الى أستراليا حاملاً سبعة مشاريع وعاد مساء الأحد حاملاً سبع اتفاقات تعاون.. وهو كان الأقلّ حضوراً بين زوارنا على موائد الجالية.. ثمّ أنه “ما بيحكي سياسة” وهذا أجمل ما فيه؟!.
للتذكير فقط، ففراس أبيض لم يصل الى الوزارة عن طريق الملعقة الذهبية بل عبر إنجازاته الملحوظة في زمن الجائحة وهو الذي أعاد إحياء مستشفى الحريري الجامعي بعدما هجره معظم جسمه الطبي والإداري وكاد يقفل، ليعيده فراس أبيض رائداً في المعالجة في أسوأ الظروف.