أنطوان القزي
في لقاء عبر أثير أس بي أس عربي سألتني الزميلة هناء ياسين عن أسباب تقدّم زعيم المعارضة الفيدرالية بيتر داتون في آخر استطلاع ولأول مرّة على رئيس الوزراء أنطوني البانيزي. ورأيت أن هذا أمر طبيعي، لأن أكثر من نصف رؤساء الحكومات في أستراليا لم يكملوا عهودهم بسبب الإنقلابات الداخلية وتبدّل مزاج المواطنين. ولأن فترات شهر العسل تختلف بين رئيس حكومة وآخر.
لقد تراكمت الأزمات منذ دخول انطوني ألبانيزي الى اللودج، منها ما كان استكمالاً لأزمات بدأت في عهد سكوت موريسون ومنها بسبب سوء المعالجة لدى حكومة ألبانيزي على عدة مستويات.
وإذا تجاوزنا الموضوع الأمني الذي تفاقم في مقاطعة الاقليم الشمالي وشمال نيوساوث ويلز،
وإذا تجاوزنا تفاقم العنف العائلي الذي بلغ مستويات خطيرة.
نجد أنفسنا أمام أزمات متعددة:
على صعيد الإستشفاء، هناك نداء استغاثة من وزراء صحة الولايات لرئيس الوزراء لأن حكوماتهم رازحة تحت مساعدة المستشفيات بعدما خذلتهم الحكومة الفيدرالية التي كانت وعدتهم بدفع اربعين بالمئة من كلفة الاستشفاء. إذ نرى اناساً يموتون في صفوف الإنتظارفي أقسام الطوارئ أو منتظرين في سيارات الأسعاف وهذا ما حصل في كوينزلاند في الأسابيع الأخيرة.
كما أن هناك أكثر من مليون شحض يعانون من اضطراب الصحة العقلية.
إقتصادياً ، صحيح أن المصرف المركزي لم يرفع الفائدة هذا الأسبوع، لكن الوقائع تقول ان التضخّم المرتفع كان يستوجب رفع الفائدة وأمام خشية حاكمة المصرف المركزي ميشيل بولوك من زيادة التضخّم أبقت على سعر الفائدة. علماً ان الفائدة ارتفعت أكثر من خمس مرات منذ بداية العام
كما أن هناك تهاوناً في ملاحقة المتهربين من الضرائب لأن العشرات من اصحاب الملايين يعفون انفسهم من تسديد ما عليهم، ففي وقت نرى أناساً يكافحون لتحصيل اللقمة وتأمين الدواء ودفع الإيجار، نرى في المقابل اصحاب الملايين يتحايلون في الهروب من دفع الضريبة بسبب ثغرات كثيرة يعرفها الإعلام ويسلّط الضوء عليها في حين تغض الحكومة النظر عنها.
أليس على الحكومة أن تحصل الضرائب من الذين لا يدفعونها بدل زيادة الضرائب الحالية.
على صعيد السكن، اللافت ان اقتناء الكارافانات ازداد بشكل كبير وبعدما كانت الكارافانات للتوفير في العطلات باتت مكاناً للعيش عوضاً عن المنازل. وهناك 900 الف كارافان في أستراليا ستصبح مليوناً في آخر هذا العام و30 بالمئة منها في كوينزلاند. وتقول دراسة صدرت هذه الأسبوع أن شراء البيت بات مستحيلاً في أستراليا، وأن الشخص الذي يتقاضى أجراً متوسطاً في نيوساوث ويلز سيحتاج الى انفاق 82 في المئة من دخله الشهري لدفع متوسط الرهن العقاري في الولاية، ولكن هذا فقط ما قبل الضريبة وبمجرد أخذ الضرائب في ال إعتبار فإن سداد أقساط الرهن العقاري يتطلّب 106 بالمئة مما يتقاضاه شخص متوسط الدخل الى منزله. وما زاد الطين بلّة زيادة أجور الوزراء والنواب في هذه الأزمة الخانقة واستياء المواطنين من تكريم السياسيين إذ بلغ عدد الموقعين على منح ميدالية “آي سي” لدانيال أندروز 18 ألفاً. ولعلّ المشهد الأسوأ هو ظاهرة إطعام المدارس لتلامذة يأتون الى المدرسة بدون “زوّادة” حيث بدأت في مدرسة أشكروفت في غرب سدني وراحت تتسع الى عدة مدارس .
ولا ننسى أن ثلاث مدن أسترالية بين أغلى عشر مدن في العالم وهي سدني وملبورن وأدليد.
ختاماً، بلد الخيرات يذهب تلامذته الى المدارس بلا زوّادة؟!.