أنطوان القزي
كان زوجان يقضيان عطلة في الريف الفيكتوري، شاهدا من بعيد وهما على الطريق الرئيسي صليباً فوق سطح منزل ونوافذ منقوشة كلاتسيكية، وعندما اقتربا أكثر فوجئا بأبوابٍ صفراء زاهية ترحب بالزوار ليكتشفا، أن الكنيسة لم تعد كنيسة، لقد كانت كنيسة سانت توماس الأنجليكانية في قرية تالغارتو في شمال شرق فيكتوريا البالغ عمرها 120 سنة التي تحوّلت الى منزل عائلي.
على بعد دقائق من تالغارنو، تقع قرية بيثانغا التي كانت مركزاً دينياً وموطناً لأربع كنائس، لكن في الأشهر الأخيرة بيعت آخر الأماكن المقدسة فيها.
والذي يثير الإهتمام، هو أن هناك زوجين كانا تزوّجا في كنيسة القديس فرنسيس في بيثانغا منذ سنوات، قصدا تلك الكنيسة مع أولادهما منذ أسابيع ليُظهرا لهم المكان الذي تزوّجا فيه فإذا بهم أمام امراة تحمل طفلاُ أخبرتهم أنها تملك المكان منذ فترة؟!.
هذا نموذج لما يحصل في السنوات الأخيرة في أستراليا.
فمنذ الستينات بدأ تراجع عدد الكنائس بسبب تراجع المؤمنين الذين يرتادونها.
وبين ستني 2022 و2023 تمّ بيع أكثر من 300 كنيسة في أستراليا. وتحوّل بعضها الى منازل وشركات مع الحفاظ على طابعها الفريد.وباتت الكنائس تبثّ الخدمات عبر الأنترنت كوسيلة للوصول الى «القطيع».
ومنذ سنة 1991 أقفلت 1200 كنيسة في أستراليا وهناك عشرون بالمئة من الكنائس لم تعد تستخدم للخدمات الدينية.
وبات مردود الكنائس لا يفي تكاليف التحسينات الضرورية فيها.
وفي جميع أنحاء أستراليا، تشمل التحويلات الكنسية الأخرى حانة ذات طابع أيرلندي في جنوب يارا في فيكتوريا؛ باب قبو مصنع النبيذ على شاطئ سيليكس في جنوب أستراليا ومعرض فني في موسمان، نيو ساوث ويلز.
وفي هيل إند بولاية نيو ساوث ويلز، تم تحويل كنيسة إلى مركز ثقافي، كما تم تحويل كنيسة أخرى في الولاية إلى مسرح في دارلينغ هيرست.
وفي سيدني وما حولها، تم تحويل الكنيسة الأنجليكانية السابقة في غلينبروك وكنيسة سانت كولومبكيل الكاثوليكية في برودووتر إلى مقاهي.
أما الكنائس المهجورة التي لم يتسنَّ بيعها، فهي تجذب مجتمعًا من المستكشفين والمؤرخين والمصورين والفضوليين على أنواعهم.
في الماضي كان يقال على سبيل التندّر» صلاة دليفري» إلى أن باتت الصلاة فعلاً «دليفري» تدخل المنازل عبر الأنترنت والفايسبوك.
في الختام، تتراجع الكنائس في أستراليا لتتمدّد الجرائم على أشكالها، من العنف العائلي الى السرقة والطعن بالسكاكين.
و» الخير لقدّام».