في 29 تشرين الأول / أكتوبر 1948 سقطت قريته وهو في الثامنة من عمره ليشرّع الظلم أبواب المأساة وليكون فؤاد شريدي بطل الشريط المصوّر بالعين المجرّدة.
يقول فؤاد شريدي ان قرية الصفصاف في الجليل الأعلى كانت آخر قرية سقطت في فلسطين على يد القوات الصهيونية.
وكان دايفيد بن غريون أعلن قيام دولة إسرائيل في 15 أيار/ مايو سنة 1948 وبين أيار وتشرين الأول بقيت قرية الصفصاف صامدة، تقاوم وتقاتل ببسالة.
فواد شريدي ليس مؤرخاً ولا يحمل كاميرا لتسجيل فيلم وثائقي بل يسرد ما رأى بأم عينه.
رأى الموت والعذاب والدماء والدخان والدمار والقتل والتهجير، ومن أصدق ممن عاش النكبة أن يروي تفاصيلها.
فؤاد شريدي يوقع يوم الإثنين 22 نيسان/ أبريل كتابه الجديد «المحرقة الفلسطينية كما عشتها»، الكتاب الذي يوثق صفحات من تاريخ النكبة الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لأبشع أنواع الإبادة. ويضيف شريدي انه ما زال يحمل مفتاح بيته مؤمناً ان جيلاً من الفلسطينيين أو أحد أحفاده سيعود يوماً ليفتح باب بيته المهجور ويستعيد داره المسلوبة والمصادرة.
بدأت رحلة شريدي كما يقول: «من ولادته في حقل للقمح كان يزرعه والداه الى دراسته الأولى وصولاً الى نذائر الحرب، وهو يستعرض العدوان على المدن والقرى والناس في ظل تواطؤ بريطاني وتلكؤ عربي عن مساعدة الفلسطينيين الى ان وصل ابن قرية الصفصاف الى جنوب لبنان وحطت به الرحال في مدينة طرابلس وحملته الشتات الى استراليا.
لكن فلسطين بقيت في باله وأمام عينيه وعلى صفحات مذكراته بكل تفاصيلها ومآسيها، وهو يضعها اليوم في كتاب عربون وفاء لأهله وأرضه.
ولدى سؤاله عن توقيت صدور الكتاب وليس قبل اليوم، يجيب: «تفاصيل الكتاب كانت جزءًا من حياتي وكأنني أكتب وصيتي، لهذا السبب أرجأتها بعض الوقت لأن الأحداث المدونة في الكتاب هي كوابيس ما زلت أعيشها لا تتعلق بأي زمن. ولعل هذا الكتاب يكون وصية لأجيال فلسطينية لم تولد بعد، وأنا واثق ان طفلاً فلسطينياً سوف يمشي الى القدس ويرفع علم فلسطين على أسوارها».
لم يخبرنا فؤاد شريدي ما أخبروه بل ينقل إلينا ما رآه بأم العين وهو أحد الشهود الذين عاشوا النكبة بكل آلامها ومآسيها.
ونسأل فؤاد شريدي: «أليس هناك أية مبالغة في ما كتب؟».
يقول: «ما ذكرته هو أقل مما شاهدته، وأنا بدأت الكتابة فيما بعد عندما رفضت غسان كنفاني فترة من الزمن وتعلمت المصداقية في كتاباتي النابعة من معاناتي.
نسأله، أدباء النكبة كثيرون، كل تنوالها على طريقته، ما الذي يميزك عنهم؟».
يجيب: «إنها صرخة الوجع في داخلي، لم أتمكن ان أكتمها الى زمن أبعد، فبحت بها ودونتها على صفحات هذا الكتاب، وإذا كان الأدباء الآخرون تناولوا النكبة في محطات جغرافية معينة، فأنا تناولتها في كل محطاتها ولم أجعل منها رواية أدبية، بل هي سرد واقعي ولوحة مرسومة بدمي ودموعي مقرونة بصرخات الوجع الذي ما زال يلازمني حتى هذه اللحظة».
في الختام، دعا شريدي الأصدقاء لحضور توقيع كتابه «المحرقة الفلسطينية كما عشتها»، يوم الإثنين الموافق 22/4/2024 في صالة السيتي فيو في لاكمبا على العنوان:
925 Canterbury Road, Lakemba