سدني – استراليا
فؤاد شريدي- سدني
كعصفورٍ .. يحاول الأفلات من عباءة المطر ..
كرعشة الأصابع .. وهي تداعب الوتر ..
كهلع النسر يفرد جناحيه ..
والغضب الطاهر .. يلمع في عينيه ..
ليحمي فراخه من الخطر ..
كالفجر يمرّغ شفتيه ..
ليبلل بالندى .. أوراق الشجر ..
كطفلٍ فلسطيني مقاوم ..
يموت واقفاً .. وفي يده حجر ..
هكذا أنا يا حبيبتي.. أسافر إليك ..
لأحاق في فضاء عينيكِ ..
كفراشٍ من فرط حبه للضوء ..
عانق لهيب الشمعة وإنتحر ..
أسافر إليك ..
أمشي وحيداً فوق الشوكِ ..
بقدمين عاريتين .. ورغم الشوك ورغم المطر ..
صرت يا حبيبتي .. إلى عينيك أعشق السفر ..
فامنحيني مساحة في عينيك ..
لأخرج من مخيمات الموت والضجر ..
لأخرج من هذا الموت الرتيب ..
لأخرج من عتمة السراديب ..
لأخرج من نعاس الأزقة والزواريبْ
إمنحيني من ضفائرك شراعاً..
لأبحر إلى غزة الأبية ..
إلى مدينةٍ ظلت على الموت عصيّة ..
إلى مدينةٍ ترفض أن تموت ..
إلى مدينةٍ تمد ذراعيها ..
لتعانق الشام .. وبغداد وعمان ..
لتعانق أختها بيروت ..
إمنحيني شراعاً لأبحر .. إلى رمال غزة الآبية ..
لأعانق الدم الذي على ترابها يراق..
لأقبل الأصابع التي تحفر الأنفاق ..
لأقبل في غزة الأبية ..
كل صبي وكل صبية ..
يقولون لجحافل الحقد والبربرية ..
الحياة كلها .. وقفة عز ولحظة حرية ..
إمنحيني شراعاً .. لأبحر ..
إلى رمال غزة الأبية ..
لأقبل السواعد التي تحمل بندقية ..
لأقبل الجباه .. التي تعتمر الكوفية ..
لأقبّل الأصابع التي تحفر الأنفاق ..
لأقبل الأقدام المقاومة ..
التي تمشي فوق النار ..
لا تخشى الفسفور الأبيض ..
لا تخشى الإحتراق ..
إمنحيني شراعاً..
لأبحر إلى رمال غزة الأبية ..
إلى مدينة وحيدة .. تواجه التنين ..
إلى مدينة تقول للعرب النائمين ..
وحدي .. وحدي سأصرع التنين
بدم أبنائي المقاومين ..
بدم أبنائي الميامين
سأحرر فلسطين .. كل فلسطين ..
غزة خرجت إلى العراء ..
لتودع أبناءها الشهداء ..
غزة خرجت لتعانق.. كل شهيدٍ وشهيدة
غزة لم تعد وحيدة ..
غزة صارلها رفيقات ورفقاء ..
غزة تفتح ذراعيها ..
لتعانق الزوبعة الحمراء..
لتعانق على أرض الجنوب ..
دم الشهيدة سناء ..
شكراً حبيبتي لقد وصلت إلى غزة ..
غزة تأتي إليّ .. لتضمني بذراعيها ..
ودمعة الأمومة تتألق في عينيها ..
غزة تغمرني بكوفية الشهيد ..
غزة تحمل دمها على كفيها ..
لتعانق ميلاد أمة تولد من جديد ..