أنطونيوس جلوان
عنوان مقالك المنشور البارحة في جريدة الجمهورية بتاريخ 5-1-2024 «ولكن.. ماذا بعد…؟ «،يؤكد بأن حماس وطوفانها في الأقصى، وحزب الله وحماسه المتهوّر بالرد على القصف بالقصف، والاغتيال بالاغتيال، يدفع ثمنه الباهظ لبنان واللبنانيون لأن «حكمة»حزب الله هي «حكمة؟» مرتهنة للخارج ،إذن هي ليست بحكمة ولا بحنكة لأن الذي يخضع ويتلقى الأوامر من الغير ليس بمحنّك مهما تحنّك ،وبالتالي ،ولاؤه للخارج هو خيانة للوطن لأنه يعرّض الكيان إلى الهلاك والزوال. فمعاليك، قبل أن تكون مستعداً لتخطّي سنة 1975 وما فيها وبعدها، هل تساءلت ماذا كان قبل 1975 من انفلاشات فلسطينية وتجاوزات عرفاتية وتهديدات فدائية؟
وعجرفات قومية؟
هل تساءلت معاليك كيف ولماذا انفجر الوضع الأمني في لبنان في 13 نيسان من سنة 1975؟ وما هي الأسباب التي اوصلتنا إلى تلك المرحلة المأساوية من تاريخنا؟
ما ذنبي أنا المسيحي إذا كان المسؤول الفلسطيني غائباً عن بعض قرارات دولية تتعلق بمصيره مثل وعد السلطنة العثمانية بالسماح لليهود بالسكن والاستيطان في فلسطين.
ما ذنبي أنا المواطن اللبناني المسيحي إذا كانت الدول العربية قد وقعت هدنة مع دولة بن غوريون سنة 1949 وليس مقاومتها أو محاربتها؟
ماذا فعل العرب، والشعب الفلسطيني بشكل خاص ،عندما أصبحت إسرائيل في 11 أيار سنة 1949 عضواً في الأمم المتحدة وذلك باعتراف كل من الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.
أين كانت الدول العربية عندما شنّت حرب الستة أيام واحتلت إسرائيل على أثرها :القدس الشرقية وسيناء وغزّة والجولان والضفة الغربية؟
هل تتذكر معاليك تصريح عبد الناصر الشهير :انتظرناهم من الشرق فأتونا من الغرب، دالاًّ بذلك على تواطؤ وخيانة بعض الدول العربية؟
بعد هزيمة عبد الناصر تولى القيادة الفلسطينية ياسر عرفات.
ماذا أنجز أبو عمّار خليفة أحمد سعيد؟
أول دخوله، كما يقولون، شمعة طوله.
باكورة أعماله هي إثارة الفتن في الأردن. فكان أيلول الأسود سنة 1970
.وتبع ذلك مجازر ثمّ تهجير فدائييّ عرفات إلى لبنان الذي أصبح مع الأسف قاعدة للفلسطينيين.
بعد حرب تشرين سنة 1973،القى رئيس جمهورية لبنان سليمان فرنجية، خطاباً في الأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية، وعلى أثرها قُبلت منظمة التحرير عضواً مراقباً. وكان أول خطاب له في الأمم المتحدة في 13 تشرين الثاني سنة 1974.
ولكن فاعل الخير كواقد الشمع في بيت لعميان .
فالمكافأة للبنان كانت افتعال الفدائيين مجزرة في عين الرمانة وكان الشهيد الكتائبي الأول جوزف أبو عاصي، وهذا ما ادّى إلى ما يعرف ببوسطة عين الرمانة.
فيا معاليك، الذي اوصلنا إلى سنة 1975،هي عنتريات أبو عمار واحتلال جنوب لبنان وقد سمّي» بفتح لاند «،وتطويق بيروت بالمخيمات التي أصبحت بؤراً للفساد والاجرام. ثمّ لا ننسى تهديدات أبو إياد بأن طريق فلسطين تمر بجونية وعيون السيمان.
كيف يمكنك أن تنسى الوضع الشاذ الذي ادّى إلى توقيف اللبنانيين على الحواجز قبل الوصول سنة 1975
بتوقيف الشيخ بشير الجميل واستشهاد القائد وليم حاوي. هذا عدا عن انتهاك الحرمات والمحرمات.
أما بعد سنة 1975 فقد تمّ الإعتراف رسمياً باسرائيل من خلال الزيارة التاريخية للرئيس المصري أنور السادات إلى القدس حيث ألقى خطاباً تاريخياً في الكنيست. وقد تلا ذلك اتفاق كامب ديفيد في واشنطن في البيت الأبيض.
بعد 1975 اجتاحت إسرائيل لبنان سنة 1982 بحجة تدمير القواعد العسكرية التابعة للفدائيين الفلسطينيين وقد كان بينهم الألوية الحمر وجماعة كارلوس الإرهابي.
وبسبب الفلسطينين دمّر الاسرائيليون بيروت والجنوب والجبل واجبروا منظمة التحرير على مغادرة لبنان إلى تونس كما يفعلون الآن في غزة.
بعد 1975 يا معالي الوزير الفلسطينيون يسعون إلى السلام مع إسرائيل وقد توصلوا سنة 1973 إلى اتفاق مع منظمة التحرير بعد سلسلة اجتماعات سرية بين شيمون بيريز ومسؤولين عن المنظمة، باعتراف هذه الأخيرة في 19 آب سنة 1993 بالكيان الاسرائيلي.
إذا كانت الأحداث تسير بإتجاه السلام، كما يؤكد ذلك مؤتمر الرياض الأخير لدول الجامعة العربية والإسلامية، فماذا يريد حزب الله من لبنان؟ ولنقلها بصراحة، ماذا يريد الاحتلال الإيراني من لبنان؟
هل يقبل حزب الله بتدمير لبنان كما هو حاصل في غزة واعتبار لبنان ورقة ضغط في يد ايران؟
أليس هذا هو التخلّف السياسي والاجماعي بذاته عند حزب الله لرفضه الاتصاف بالرصانة والمرونة والتجرُّد من المشاعر الطائفية والمذهبية؟
بالصراحة التامة يا معالي الوزير، لا وألف لا .
لبنان، بكل فئاته وكل طوائفه لم يعد يقبل بأن يبقى ضحية الأعداء كالفلسطينيين وفي مقدمتهم حماس ولا الأشقاء الأعداء كحزب الله ولا الأعداء الأعداء. وأيضاً
لبنان اليوم يرفض القتل حميمياً كان أم اثيمياً. الوطن يريد أن يتحرّر من الإنكار الفلسطيني بفضل نصرة لبنان للقضية الفلسطينية وايوائه الشعب الفلسطيني خلال ثمانية عقود دون منة، وأيضاً يريد الانعتاق من القبضة العسكرية الخانقة لحزب الله على الشعب اللبناني ومؤسساته وشعبه.
حان الوقت بأن يتحرّر لبنان من الخطف ومن الارتهان الذي يمارسه حزب الله،لأننا إذا خضعنا وسط تهديدات حزب الله الضالة سنخسر حتماً حريتنا وكياننا ووطننا.
حزب الله، على لسان أمين عامه، لا يؤمن بوطن اسمه لبنان بل يؤمن بالوطن الإسلامي الكبير، وهو مستعد للتضحية بلبنان كرمى لعيون الخامنئي لتبقى الثورة الإيرانية قوية.
علينا جميعاً في هذه الظروف الصعبة والمصيرية عقد الخناصر والعمل بجدية مع كل الفعاليات للتخلّص من هذه الانحرافات الخطيرة. علينا بمجابهة الاضاليل بكل ما اؤتينا من فهم وادراك لنعيد الأمور إلى صوابيتها. وعندها يمكننا أن نردد مع الشاعر :
نحن قومٌ بغير الحب لا نحتوى…….. و للحب كلمة واحدة ترادفه هي الإحترام.
نريد من حزب الله إحترام ذكاء أبناء وطن الأرز وان يعي بأن لا بديل عن لبنان ال10452 كلم2. علينا جميعاً إحترام بعضنا البعض وذلك بكل هواجسنا وبكل تطلعاتنا.
إننا ندعو أهلنا في الثنائي إدراك حقيقة جوهر الكيان اللبناني لنعيش بأمان مع بعضنا البعض بكل رضى وتفاهم وبدون إثارة الحساسيات. نريد السلام لأننا أبناء السلام وليس الإنتقام والدمار والخراب. شعارنا في هذا الوطن الجميل هو الإحترام قبل أي شي آخر. رحم الله الشاعر الذي نطق بهذه الدرّة:
ما دمت مُحترماً حقي فأنت أخي آمنت بالله أم بالحجر.