‏على الرغم من الغموض المحيط بجلسة الانتخاب الرئاسية الثانية عشرة اليوم، فإن الأوساط النيابية المتصلة برئيس المجلس النيابي نبيه بري تؤكد أن الجلسة حاصلة، وأن اللعبة الديموقراطية تفرض نفسها، وفق النظام الداخلي للمجلس.
‏والتفت كتلة «التوافق»، التي يرأسها النائب فيصل كرامي، مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان امس الثلاثاء، للتشاور في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، علما أن كرامي أعلن أن فرنجية مرشحه، لكن الكتلة قررت الاجتماع لاتخاذ الموقف الأخير اليوم. ‏نواب آخرون تواصلوا مع ‏مرجعية روحية لهذا الغرض، وكان جوابه: افعلوا ما يرضي ضمائركم وناخبيكم.
‏وبعد يوم على خطاب رئيس «تيار المردة» المرشح سليمان فرنجية الذي أكد فيه صعوبة انتاج رئيس للجمهورية، والهجوم الذي شنه فرنجية عليه، أصدر منافسه المرشح جهاد ازعور
بيانا مطولا بإعلان ترشيحه، بدا أقرب إلى مزيج من السيرة الذاتية والبرنامج الانتخابي.
وشكر الأحزاب والكتل السياسية والنواب المستقلين والتغييريين «الذين التقوا على تسميتي مرشحا وسطيا جامعا لمنصب رئاسة الجمهورية». وقال «لا أريد لترشيحي أن يكون تقاطع الحد الأدنى بين مواقف ومشاريع القوى السياسية المختلفة، بل تلاقي الحد الأقصى بين أحلام اللبنانيين واللبنانيات بوطن نستحقه جميعا، سيدا حرا مستقلا مزدهرا».
وأضاف «لست سليل عائلة سياسية عريقة، مع الاحترام الكامل لهذا المكون من مكونات نسيج حياتنا السياسية ولا أنا ابن تجربة حزبية مع الاحترام الكامل للأحزاب اللبنانية من دون استثناء، ولست بطل طائفة في مواجهة طائفة أو طوائف أخرى، أنا ابن هذه التجربة اللبنانية».
وقال: جهاد أزعور ليس تحديا لأحد، التحدي الوحيد لنا جميعا هو تحدي استعادة هذه التجربة.
وخاطب اللبنانيين قائلا «ألا ترون معي أننا ونحن نتلهى بخطابات الانقسام والتخويف بعضنا من بعض، بات بلدنا برمته معزولا عن كل مسارات التصالح والتقارب والتحديث الحاصلة في المنطقة؟ كلنا معزولون معا عن العالم».
وأكد «أريد صادقا، أن يكون ترشيحي من السادة النواب ملهما للأمل لا سببا للخوف، ومساهمة في الحل وليس عنصرا يضاف إلى عناصر الأزمة والاستعصاء.«وأعلن مد يده» ليشمل الحوار جميع المكونات والقوى السياسية الشريكة في الوطن على قاعدة التلاقي لتحقيق إجماع وطني يحتاجه لبنان اكثر من أي وقت مضى».
وتعهد بالعمل على الاستقلال التام عن أي تدخلات خارجية، وحماية الأرض والسيادة الكاملة، وإعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها والتزام الدستور، وتحصين وثيقة الوفاق الوطني من خلال تطبيقها كاملة بكل مندرجاتها، والتعاون مع الجميع على إعادة وصل ما انقطع مع محيطنا العربي ومع دول العالم الأخرى».
وأكد التزامه بـ«قيادة هذا التغيير ولا يمكنني فعل ذلك بمفردي. أحتاج إلى أن يكون كل لبنانية ولبناني جزءا من هذه المغامرة، لنعمل يدا بيد من أجل استعادة مجد لبنان وضمان مستقبل مزدهر لنا جميعا. وإن حالفني الحظ، سوف أسعى إلى أن أكون جسر العبور نحو المستقبل، والتصالح، وضمانة العيش الواحد المبني على الثقة والتعاون والانفتاح».

من جهته، نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، حسمها باكرا قائلا إنه «لا انتخاب للرئيس في جلسة الأربعاء، لأنه بالتحدي لا يمكن لأحد، أن ينتخب رئيسا للجمهورية».
‏أما النائب سجيع عطية، فقد نصح المرشح أزعور بالانسحاب من السباق الرئاسي، وقال، في حديث تلفزيوني: لا زلنا في مرحلة النقاش حول الاسم وأمامنا ثلاثة احتمالات: اما الورقة البيضاء واما الخيار الوسطي بإيجاد شخص وفاقي.
وانتقد عطية بعض تصريحات رئيس «القوات» د.سمير جعجع: الذي يعمل على تفصيل البدلة ثم يريد إلباسي لها.
‏من جانبه، النائب شربل مسعد قال إن الخطابات الاستفزازية ستدفع التغييريين إلى عدم التصويت لجهاد أزعور، رافضا شيطنة الخيار الثالث، مشيرا إلى أن الوزير السابق زياد بارود، هو من ضمن الخيارات الموجودة، ومرشح جدي للرئاسة.
‏ويسعى فريق المرشح جهاد أزعور لحملة يحقق فيها خمسة وستون صوتا في الدورة الأولى، في حين عجز رئيس «التيار الحر» جبران باسيل، عن اقناع نواب «تكتل لبنان القوي»، الالتزام بقرار «التيار» انتخاب ازعور، وأن هناك أربعة نواب من التكتل سيصوتون لفرنجية، إضافة إلى نواب حزب «الطشناق».
‏وعقد «تكتل الاعتدال الوطني» اجتماعا امس لاتخاذ قرار حاسم يمكن أن يغير مسار ونتيجة الجلسة، كما ستجري مناقشة تشكيل جبهة تضم 32 نائبا مما سيوفر 65 نائبا للمرشحين أزعور وفرنجية.

‏أمام هذه البلبلة في صفوف مختلف الفرقاء، يزداد توتر فريق «الممانعة»، يوما بعد يوم، وتقول قناة «المنار»، الناطقة بلسان «حزب الله»: ذاهبون إلى انتخاب فرنجية الذي لم يدخل في لعبة الدم، ولا يعمل وفق التعليمات الأميركية، ولا يبيع دماء الشهداء، ولا يطعن المقاومة في ظهرها، في حين اختار الآخرون مرشح التقاطعات.

اما النائب غسان سكاف، صاحب إحدى المبادرات التوفيقية، فقد لاحظ أن كل الأضداد يعملون على استقطاب الرماديين الذين يشكلون ما بين 20 و22 نائبا. و‏آخر سيناريو يشير إلى انضمام نواب جدد إلى الاقتراع لأزعور، بينهم نعمة افرام وجميل عبود وفراس حمدان وملحم خلف ونجاة صليبا.
‏رئيس مجلس النواب نبيه بري استقبل
، السفيرة الفرنسية آن غريو، العائدة للتو من باريس، حيث أبلغته، كما أبلغت وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، موعد حضور الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، بعد جلسة الانتخاب المقررة غدا، كما أبلغته بقرار انتقالها‏ إلى إدارة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية قريبا، ليحل محلها سفير فرنسا في تركيا.