علاء مهدي – سيدني
حضرت بإعتزاز كبيرالعرض الثاني لمسرحية « الصندوق الأسود» مساء الأحد الماضي في التاسع من حزيران 2023 على قاعة مدرسة الفنون التابعة لبلدية فيرفيلد بغرب مدينة سيدني. وكان أول ما أفرحني ، وقبل مشاهدة المسرحية إن المشرفين على إدارة القاعة ، قد أضطروا إلى توفير مقاعد إضافية بسبب الحضور الكبير للمشاهدين ، وهذا ما عاد بي إلى ذكريات عن نشاطات أقيمت فيها عبر العقود الثلاثة الماضية ، حيث شهدت تلك القاعة نشاطات فنية وثقافية وسياسية ومسرحية ، عراقية تحديداً، كانت مدعاة للفخر والإعتزاز.
تكونت المسرحية من عدة مشاهد ، ربما فاق عددها العشرة ، خصص كل واحد منها لعرض ومعالجة ظاهرة أو حالة معينة لها علاقة بالهجرة والمهاجرين وسبل إستقرارهم وتآلفهم وأندماجهم بالمجتمع الجديد. وقد كان واضحاً للمتلقي دور « وزارة الصحة « في هذا العمل الهادف من خلال تجسيد دور للطبيب في كل المشاهد يتولى توجيه النصح والإرشاد بتبني الإساليب والتعليمات الرسمية الحكومية لمعالجة كل حالة من تلك الحالات.
قدمت المسرحية باللغة العربية وكان واضحاً أن أغلب المشتركين هم من خلفية عراقية وبإنتماءات عرقية وقومية ودينية مختلفة ، مع آخرين من الأشقاء السوريين. كما كانت هنالك مساهمات من أنتماءات عربية أخرى مثل الأردن وغيرها وكذلك أستراليين. وقد علمت بأن العرض الأول للمسرحية كان باللغة الأنكليزية وقد عرض بمنطقة كسولا بضاحية ليفربول بغرب مدينة سيدني. وهذه بحد ذاتها قفزة نوعية متميزة نجحت في تقديم مسرحية باللغة الأنكليزية من قبل ممثلين من أصول (عربية) غير أنكليزية.
أبدع الممثلون بأداء أدوارهم ، رغم صعوبات صغر المكان وعدم توفر الإنارة الكافية. وبدا لي أن عدداً ليس بالقليل منهم كانوا من المحترفين من خلال جودة الأداء وقوته ، ومع ذلك فإن المبتدئين منهم قد أجادوا في أداء أدوارهم بكفاءة عالية أيضاً ، ويبدو أن أختلاطهم بالمحترفين من الممثلين قد وفر لهم فرصة النجاح والاداء المتميز.
المسرحية من تأليف وأخراج الفنان المخرج الأستاذ عباس حربي ، الذي القى كلمة مؤثرة بنهاية المسرحية ، عبر فيها عن معاناته وكافة المسرحيين والفنانين العراقيين وغيرهم من ضعف رعاية الدولة ومؤسساتها لهم ، وطالب الحضور والمجتمع بضرورة الضغط على الجهات المسؤولية لتقديم العون والرعاية للفرق المسرحية والمسرحيين كي يقدموا أعمالاً مسرحية تنسجم وخبراتهم الماضية ومع رقي الدولة والحياة الأسترالية.
وختاماً ، فأنني كمتابع ومهتم ، أثمن تثميناً عالياً هذا العمل المسرحي التوجيهي والذي كان لدعم وزارة الصحة له أثرواضح، بنفس الوقت أطالب الجهات الحكومية الرسمية وشبه الرسمية ومنظمات المجتمع المدني الثقافية والمهنية بالمشاركة بحملة لدعم الفنانين العراقيين والعرب من خلال الدعم المالي والمعنوي والفعلي خاصة وأن عدداً لابأس به من تلك المنظمات تمتلك قدرات مالية مصدرها المنح الحكومية المجزية التي تحصل عليها مقابل القيام بنشاطات لا تكلف سوى الجزء اليسير من مبالغ المنح المستلمة . كما أدعو الجهات الرسمية المانحة للمنح المالية لدراسة جدوى للنشاطات التي تقدم مقابلها تلك المنح وتوفير الرقابة والمتابعة لما بعد الإنتهاء من تلك النشاطات للتعرف على أبواب صرف المنح وبالتالي فإن ذلك سيوفر لها مبالغاً إضافية يمكن أن تمنح لجهات فنية وتشكيلية تقوم بأعمال تمثيلية ومسرحية ومعارض فنية وغيرها وفي ذلك إغناء للجانب الفني الأسترالي خاصة وأن جاليتنا تمتلك طاقات فنية مقدامة وهائلة.
ختاماً ، أعتذر لأنني لم أذكر أسماء الممثلين وكل الذين ساهموا بهذا العمل ، اولاً لكثرتهم وثانياً تحسباً من نسيان أحدهم ، وثالثاً لأنه من الصعب التمييز بينهم فقد أبدعوا جميعاً . . . فأستحقوا وافر الشكر والأعتزاز جميعاً.